بعلى لتضمينه معنى فرض، والسبت يومٌ من أيام الأسبوع بمعنى القطع والراحة، فسمي به لانقطاع الأيام عنده، إذ هو آخر أيام الأسبوع، وفيه فرغ الله من خلق السموات والأرض، أو لأن اليهود يستريحون فيه من الأشغال الدنيوية، ويقال: أسبتت اليهود إذا عظمت سبتها، وكان اليهود يدعون أن السبت من شعائر إبراهيم، وشعائر ملته التي أمرت يا محمَّد باتباعها حتى يكون بينه - عليه السلام - وبين بعض المشركين علاقةٌ في الجملة، وإنما شرع ذلك لبني إسرائيل بعد مدة طويلة، وقد اختلف (١) العلماء في كيفية الاختلاف الكائن بينهم في السبت، فقالت طائفة: إن موسى أمرهم بيوم الجمعة وعيَّنه لهم، وأخبرهم بفضيلته على غيره، فخالفوه، وقالوا: إنَّ السبت أفضل، فقال الله له: دَعْهم وما اختاروا لأنفسهم، فاختلافهم في السبت كان اختلافًا على نبيِّهم، وقيل إن الله سبحانه أمرهم بتعظيم يوم من الأسبوع، فاختلف اجتهادهم فيه، فعينت اليهود السبت، لأنَّ الله سبحانه فرغ فيه من الخلق، وعينت النصارى يوم الأحد، لأنَّ الله بدأ فيه الخلق، فألزم الله كلًّا منهم ما أدى إليه اجتهاده، وعين لهذه الأمة الجمعة، من غير أن يكلهم إلى اجتهادهم فضلًا منه ونعمةً.
وبعد ما اختارت اليهود يوم السبت ابتلاهم الله تعالى بتحريم الصيد فيه، فافترقوا فرقتين: فرقةٌ مطيعة لأمر الله فتركوا الصيد فيه فنجوا من المسخ، وفرقةٌ مخالفةٌ لأمر الله فاصطادوا فمسخهم قردةً. انتهى.
ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها أنَّ اليهود كانوا يزعمون أنَّ السبت من شرائع إبراهيم - عليه السلام - فأخبر الله سبحانه أنه إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه، ولم يجعله على إبراهيم، ولا على غيره، {وَإِنَّ رَبَّكَ} يا محمَّد {لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ}؛ أي: ليفصل بين الفريقين المختلفين فيه {يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} من شأن السبت وغيره؛ أي: يفصل ما بينهما من الاختلاف، فيجازى كل فريق بما يستحق من ثواب وعقاب، فيجازي المطيع بالثواب،