للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: المراد بالوجوه: السادة منهم؛ أي: ليحزنوكم بالقتل والسبي حزنًا يظهر في وجوهكم.

وقرأ الجمهور (١): {لِيَسُوؤُا}؛ أي: قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: ليسوؤوا بلام كي، وياء الغيبة، وضمير الجمع الغائب العائد على المبعوثين؛ وبالهمز بين الواوين، وقرأ ابن عامر، وحمزة، وأبو بكر، عن عاصم {ليسوء وجوهكم} بالياء، وهمزة مفتوحة على الإفراد، والفاعل المضمر عائد على الله تعالى، أو على الوعد أو على البعث الدال عليه جملة الجزاء المحذوفة، وقرأ علي بن أبي طالب، وزيد بن علي، والكسائي: {لنسوء} بالنون التي للعظمة، وفيها ضمير يعود على الله، وقرأ أبي {لنسوءن} بلام الأمر، والنون التي للعظمة، ونون التوكيد الخفيفة آخرا، وعن علي أيضا {لنسوءن} و {ليسوءن} بالنون والياء، ونون التوكيد الشديدة، وهي لام القسم، ودخلت لام الأمر في قراءة أبيّ على المتكلم، كقوله تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} وجواب إذا هو الجملة الأمرية، على تقدير الفاء وفي مصحف أبيّ {ليسىء} بياء مضمومة بغير واو، وفي مصحف أنس {ليسوء وجهكم} على الإفراد، ومعنى {لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ}؛ أي: ليدخلوا عليكم الحزن بما يفعلون من قتلكم وسبيكم، وخصت المساءاة بالوجوه، والمراد: أصحاب الوجوه لما يبدو عليها من أثر الحزن والكآبة. وقوله: {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ} معطوف على {لِيَسُوؤُا}؛ أي: وليدخلوا مسجد بيت المقدس، فيخرّبوه {كَما دَخَلُوهُ} في المرة الأولى {وَلِيُتَبِّرُوا}؛ أي: وليدمّروا ويهلكوا، ويهدّموا، ويخرّبوا {ما عَلَوْا}؛ أي: ما غلبوا عليه من بلادكم، أو مدة علوّهم {تَتْبِيرًا}؛ أي: تدميرًا، ذكر المصدر إزالة للشك، وتحقيقًا للخبر.

ومعنى الآية: أي فإذا جاء وقت حلول العقاب على المرة الآخرة من مرتي إفسادكم في الأرض، بعثنا أعداءكم ليجعلوا آثار المساءة والكآبة باديةً في وجوهكم «فإن الأعراض النفسية تظهر في الوجوه، فالفرح يظهر فيها النضارة، والإشراق، والحزن والخوف يظهر فيها الغبرة والقترة» {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ} قاهرين


(١) البحر المحيط.