وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التعجيب المستفاد من قوله: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ} لأن فيه معنى التعجب، فكأنه قال: تعجبوا أو اعجبوا من قدرة الله تعالى على هذا الأمر العجيب.
ومنها: الإضافة للتشريف، والتكريم في قوله:{بِعَبْدِهِ}. ووصفه بالعبودية؛ لأنّ هذا المقام أشرف المقامات، والعبودية أشرف أوصاف الإنسان كما قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:
دخولي تحت قولك يا عبادي ... وأن صيَّرت أحمد لِيْ نبيَّا
ومنها: التأكيد بـ {لَيْلًا}، إذ الإسراء في لسان العرب لا يكون إلّا ليلًا حتى لا يتخيل أنه كان نهارًا.
ومنها: التنكير في {لَيْلًا} لإفادة تقليل مدة الإسراء، في جزء من الليل، قيل: قدر أربع ساعات، وقيل: ثلاث ساعات، وقيل: أقل من ذلك، وذلك لأن التّنكير قد يكون للتقليل، والتقليل والتبعيض: متقاربان، فاستعمل في التبعيض، ما هو للقليل. اهـ كرخي.
وهذا بخلاف ما لو قيل: أسرى بعبده الليل .. فإن التركيب مع التعريف يفيد استغراق السّير لجميع أجزاء الليل. اهـ شيخنا. ومنها: الالتفات من الغيبة في قوله: {الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ} إلى التكلم في قوله: {بارَكْنا} و {لِنُرِيَهُ}، ثم التفت منه إلى الغيبة في قوله:{إِنَّهُ هُوَ} إن أعدنا الضمير إلى الله تعالى، وهو الصحيح ففي الكلام التفاتان، وقرأ الحسن ليريه بالياء من تحت، أي: الله تعالى، وعلى هذه القراءة يكون في هذه الآية أربعة التفاتات، وذلك أنه التفت أولًا من الغيبة في قوله:{الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ} إلى التكلم في قوله: {بارَكْنا}، ثمّ التفت ثانيًا من التكلم في {بارَكْنا} إلى الغيبة في