ثم علل النهي عن الزنا بقوله:{إِنَّهُ} أي: إن الزنا {كانَ فاحِشَةً}؛ أي: فعلة قبيحة ظاهرة القبح، لاشتماله على فساد الأنساب، وعلى التقاتل، فإن الإنسان لا يعرف أن الولد الذي أتت به الزانية أهو منه أو من غيره؟ فلا يقوم بتربيته، وذلك يوجب ضياع الأولاد، وانقطاع النسل، وخراب العالم، {وَساءَ} الزنا، وقبح من جهة كونه {سَبِيلًا}؛ أي طريقًا إلى النار، والمخصوص بالذم طريقه. ولا خلاف في كونه من الكبائر، وقد ورد في تقبيحه والتنفير عنه من الأدلة ما هو معلوم.
والحاصل: أن الزنا اشتمل على مفاسدَ كثيرةٍ (١)، أهمها:
١ - اختلاط الأنساب، واشتباهها وإذا شك المرء في الولد الذي أتت به الزانية أهو منه أم من غيره؟ لا يقوم بتربيته، ولا يستمر في تعهده، وذلك مما يوجب إضاعة النسل، وخراب العالم كما مر آنفًا.
٢ - فتح باب الهرج والمرج، والاضطراب بين الناس دفاعًا عن العرض، فكم سمعنا بحوادث قتلٍ كان مبعثها الإقدام على الزّنا حتى إنه ليقال عند السماع بحادث قتل: فتّش عن المرأة.
٣ - أن المرأة إذا عرفت بالزنا، وشهرت به استقذرها كل ذي طبع سليم، فلا تحدث ألفة بينها وبين زوجها، ولا يتم السّكن والازدواج الذي جعله الله مودّةً، ورحمة بين الناس بقوله:{وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}.
٤ - أنه ليس المقصد من المرأة مجرد قضاء الشهوة، بل أن تصير شريكةً