للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن صنع الله الذي نجاكم من أن يخسف الله سبحانه وتعالى ويقلب جانب البر وناحيته الذي كنتم عليه حالة كون ذلك الجانب مصحوبا بكم، فيحصل بخسفه إهلاككم، و {بِكُمْ} حال من جانب البر، وهو مفعول به لخسف، والمعنى: إنّ الجهات كلّها له، وفي قدرته برًّا كان أو بحرًا، بل إن كان الغرق في البحر ففي جانب البر ما هو مثله، وهو الخسف لأنه يغيّب تحت الثرى كما أنّ الغرق يغيّب تحت الماء .. اهـ خازن.

قال الزمخشري (١): و {الفاء} للعطف على محذوف تقديره: أنجوتم فأمنتم انتهى، وتقدم لنا الكلام معه في دعواه أنّ {الفاء} و {الواو} في مثل هذا التركيب للعطف على محذوفٍ بين الهمزة وحرف العطف، وأنّ مذهب الجماعة أن لّا محذوف هناك، وأنّ الفاء والواو للعطف على ما قبلها، وأنه اعتني بهمزة الاستفهام، لكونها لها صدر الكلام، فقدمت، والنية التأخير، وأن التقدير: أفأمنتم، وقد رجع الزمخشري إلى مذهب الجماعة. {أَوْ} أمنتم {أن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ} من فوقكم {حاصِبًا}؛ أي: ريحًا ترمي الحصباء، وهي الحصى الصغار، يرجمكم بها فيكون أشدّ عليكم من الغرق في البحر، وقيل: أي أو يمطر عليكم حصباء كما أرسلها على قوم لوط، وأصحاب الفيل، {ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا}؛ أي: حفظيا يحفظكم من ذلك، وناصرا يصرفه عنكم، فإنه لا رادّ لأمره الغالب.

والمعنى: أي أفحسبتم (٢) أنكم بخروجكم إلى البر أمنتم من انتقام الله وعذابه، فهو إن شاء .. خسف بكم جانب البر وغيّبه في أعماق الأرض، وأنتم عليها، وإن شاء .. أمطر عليكم حجارةً من السماء تقتلكم كما فعل بقوم لوط، ثمّ لا تجدون من تكلون إليه أموركم، فيحفظكم من ذلك أو يصرفه عنكم غيره جل وعلا.

وخلاصة ذلك: إن لم يصبكم بالهلاك من تحتكم بالخسف، أصابكم من


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.