حق الأمة، فصار قيامُ الليل نافلةً؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى قال:{نافِلَةً لَكَ} ولم يقل: عليك.
فإن قلت: ما معنى التخصيص إذا كان زيادة في حق المسلمين كما في حقه - صلى الله عليه وسلم -؟
قلت: فائدة التخصيص: أن النَّوافل كفارات لذنوب العباد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكانت له نافلةً، وزيادة في رفع الدرجات.
ويجوز أن تكون {نافِلَةً} مصدرًا كالعافية والعاقبة فتكون مفعولًا مطلقًا، والمعنى فتنفل نافلة لك.
فصل في الأحاديث الواردة في قيام الليل
عن المغيرة بن شعبة قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتفخت قدماه، فقيل له: أتتكلف هذا، وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك، وما تأخّر، قال:«أفلا أكون عبدًا شكورًا» متفق عليه.
وعن زيد بن خالد الجهني قال: لأرمقن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الليلة فتوسدت عتبته، أو فسطاطه (فقام فصلّى ركعتين خفيفتين، ثمّ صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثمّ صلى ركعتين دون اللتين قبلهما ثم صلّى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثمّ أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة) أخرجه مسلم، وأبو داود، وهذا لفظ أبي داود.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة - رضي الله عنها -: كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؟ قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على أكثر من إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا. قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ فقال:«يا عائشة إن عينيّ تنامان ولا ينام قلبي» متفق عليه.