للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآيات لما قبلها: أنه تعالى لما تحداهم بأن يأتوا بمثل هذا القرآن، فتبين عجزهم عن ذلك وإعجازه، وانضمّت إليه معجزات أخر، وبينات واضحة، فلزمتهم الحجة، وغلبوا، أخذوا يتعللون باقتراح آيات فعل الحائر المبهوت، المحجوج، فقالوا: ما حكاه الله عنهم من الآيات المذكورة.

ثم حكى عنهم شبهة أخرى (١)، وهي استبعادهم أن يرسل الله بشرًا رسولًا، فأجابهم بأنّ أهل الأرض لو كانوا ملائكةً .. لوجب أن تكون رسلهم من الملائكة؛ لأن الجنس أميل إلى جنسه.

ثم سلّى رسوله - صلى الله عليه وسلم - على ما يلاقي من قومه، بأن الهداية، والإيمان بيد الله تعالى، ولا قدرة له على شيء من ذلك {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ} وسيلقون جزاءهم نار جهنم بما كسبت أيديهم، ودنسوا به أنفسهم، من الكفر، والفجور، والمعاصي، وإنكار البعث والحساب، وهم يعلمون أنّ الذي خلق السموات والأرض، قادر على أن يعيدهم مرة أخرى، ثمّ بيّن أنه لو أجابهم إلى ما طلبوا من إجراء الأنهار والعيون، وتكثير الأموال، واتساع المعيشة .. لما كان هناك من فائدة، ولما أوصلوا النفع إلى أحد، فالإنسان بطبعه شحيح بخيل.

قوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي ...} الآية، مناسبة (٢) هذه الآية لما قبلها: أن المشركين لما قالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} فطلبوا إجراء الأنهار والعيون في بلدهم لتكثر أقواتهم، وتتسع عليهم، بيّن تعالى أنهم لو ملكوا خزائن رحمة الله .. لبقوا على بخلهم، وشُحِّهم، ولما أقدموا على إيصال النفع لأحد، وعلى هذا، فلا فائدة في إسعافهم بما طلبوا، هذا ما قيل في ارتباط هذه الآية، وقاله العسكري.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنّ الله (٣) سبحانه وتعالى، لما ذكر فيما سلف ما اقترحوه من


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.