للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قبله، والمتنازعون هم: قوم بيدروس، والمعنى: أي: واذكر يا محمد قصة حين يتنازع قوم بيدروس فيما بينهم، في تدبير أمر أصحاب الكهف، حين توفاهم الله ثانيا بالموت كيف يخفون مكانهم، وكيف يستر الطريق إليهم، {فَقالُوا}؛ أي: بعض أهل المدينة {ابْنُوا عَلَيْهِمْ}؛ أي: على باب كهفهم {بُنْيانًا} كي لا يعلم أحد تربتهم، وتكون محفوظة من تطرق الناس، كما حفظت تربة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحظيرة، قائلين: {رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ}؛ أي: بحالهم وشأنهم، لا حاجة إلى علم الغير بمكانهم.

ويمكن (١) أن يجاب عن صاحب هذا القول، بأن يقال: إن أولئك القوم ما زالوا متنازعين فيما بينهم، قرنا بعد قرن، منذ أووا إلى الكهف، إلى وقت الإعثار، ويؤيد ذلك، أن خبرهم كان مكتوبًا على باب الغار، كتبه بعض المعاصرين، وهم من المؤمنين الذين يخفون إيمانهم من دقيانوس ملكهم كما قاله المفسرون.

{قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ}؛ أي: على أمر أهل الكهف، وتدبير شأنهم، وهم (٢): الملك والمسلمون، أو أولياء أصحاب الكهف، أو رؤساء البلد، وقرأ الحسن، وعيسى الثقفي {غُلِبُوا} بضم الغين، وكسر اللام ذكره في «البحر». {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا}؛ أي: لنبنيّن على باب كهفهم مسجدًا يصلي فيه المسلمون، ونستبقي آثارهم بسبب ذلك المسجد، قال الزجاج: وهذا يدل على أنّه لما ظهر أمرهم، غلب المؤمنون بالبعث والنشور؛ لأنّ المساجد للمؤمنين؛ أي: كانت الكلمة لهم، وكان كلامهم هو النافذ، لأن ملك الوقت كان من جملتهم، وكان مسلمًا، وأما الملك الذي خرجوا هاربين منه .. فقد مات في مدة نومهم. اهـ شيخنا.

فصل

وقد ذكر العلماء: أن اتخاذ القبور مساجد منهي عنه، أشدّ النهي، حتى ذكر


(١) الشوكاني.
(٢) المراح.