للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في جهنم جزاء كفرهم بربهم، واستهزائهم برسله وآياته .. أردف ذلك بما يرغِّب المؤمنين في العمل الصالح، من جنات تجري من تحتها الأنهار، جزاءً وفاقًا على إنابتهم إليه، وإخباتهم له، ثم ختم السورة ببيان حال القرآن الذي ذكر فيه الدلائل والبينات على وحدانيته، وإرساله الرسل، والبعث والجزاء، للدلالة على عظيم فضله، ومزيد إنعامه، ثم أعقب ذلك ببيان أن العمل لا يُتقبل إلا إذا صاحَبَهُ أمران: أن يكون خالصًا لوجهه تعالى، وأن يكون مبرءًا من الشرك الخفي والجلي.

أسباب النزول

قوله: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه (١) الحاكم وغيره، عن ابن عباس قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئًا نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح، فسألوه فنزلت: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)} وقال اليهود: أوتينا علمًا كثيرًا، أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرًا كثيرًا، فنزلت {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي ...} إلخ. الآية.

قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّه ...} الآية، أخرج ابن أبي حاتم، وابن أبي الدنيا في كتاب "الإخلاص" عن طاووس قال: قال رجل: يا رسول الله إني أقف أريد وجه الله وأحب أن يُرى موطني، فلم يرد عليه شيئًا حتى نزلت هذه الآية {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} مرسل وأخرجه الحاكم في "المستدرك" موصولًا، عن طاووس، عن ابن عباس صححه على شرط الشيخين.

وأخرج (٢) ابن أبي حاتم عن مجاهد، قال: كان رجل من المسلمين يقاتل وهو يحب أن يرى مكانه فأنزل الله {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّه ...}. الآية.


(١) لباب النقول.
(٢) لباب النقول.