والاشتغال بالصنائع والأسباب، والظاهر: أن من أخر الصلاة عن وقتها، أو ترك فرضًا من فروضها، أو شرطًا من شروطها، أو ركنًا من أركانها، فقد أضاعها، ويدخل تحت الإضاعة من تركها المرة أو حجدها دخولًا أوليًا. وقرأ عبد الله، والحسن، وأبو رزين العقيلي، والضحاك، وابن مقسم {الصلوات} جمعًا {وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ}؛ أي: ارتكبوا شهوات أنفسهم، وآثروها على طاعة الله تعالى؛ أي: فعلوا ما تشتهيه أنفسهم، وترغب إليه من المحرمات، كشرب الخمر، والدخان، والحشيش، وفعل الزنا، واللواط، وإدمان النظر إلى الأجنبيات، والاختلاط بهن، وإضاعة الوقت في استماع الملاهي والنظر إليها، كالتلفزيون والفيديو، والاشتغال بما لا يغني، من إكثار قيل وقال، والولع بقراءة الجرائد والأخبار عن تلاوة كتاب الله تعالى وقراءة الحديث، إلى نحو أولئك من الشهوات التي انهمك فيها أهل الزمان، حتى يظنونها من الأمور الدينية، لجهلهم أو لعدم مبالاتهم بدينهم، وبالجملة فالشهوات عام في كل مشتهى يشغل عن الصلاة، وذكر الله تعالى، كاللعب بالكريات مما لا ينفع في الحرب.
والمعنى: أي (١) فجاء من بعد الأنبياء الذين ذكروا، خلف سوءٍ خلفوهم في الأرض، كاليهود والنصارى، ومن على شاكلتهم من أهل الضلال، إذ تركوا الصلوات المفروضة عليهم، وآثروا شهواتهم على طاعة الله تعالى، فانكبوا على شرب الخمور، وشهادة الزور، ولعب الميسر، وإتيان الفاحشة خفيةً وعلانيةً.
وأخرج أحمد، وابن حبان، والحاكم، في جماعة آخرين، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلا هذه الآية قال:"يكون خلف من بعد ستين سنة، أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، فسوف يلقون غيًّا، ثم يكون خلف يقرؤون القرآن، لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن، ومنافق، وفاجر".
وأخرج أحمد، والحاكم وصححه، عن عقبة بن عامر، قال: سمعت