للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بدرة؛ أي: وأوقعناك في محنة بعد محنة، وفتنة بعد فتنة، وتفضلنا عليك بالخلاص منها، فمن ذلك:

(أ): أن أمك حملت بك في السنة التي كان فرعون يذبح فيها الأبناء، فنجاك الله من الذبح.

(ب): أن أمك ألقتك في البحر بعد وضعك في التابوت، فالتقطك آل فرعون وعنوا بتربيتك ورعايتك.

(ج): أنك امتنعتَ عن الرضاع إلا من ثدي أمك، وكان ذلك وسيلةً إلى إرجاعك إليها.

(د): أنك أخذت لحية فرعون فغضب من ذلك، وأراد قتلك، لولا أن قالت له زوجته إنه صغير، لا يفرق بين الجمرة والتمرة، وأُتي لك بهما فأخذت الجمرة.

(هـ): قتلك القبطي، وخروجك إلى مدين هارباً، ومهاجرتك من الوطن، ومفارقتك الأحباب، والمشي راجلًا، وفقد الزاد، ونحو ذلك مما وقع قبل وصوله إلى مدين.

٧ - {فَلَبِثْتَ سِنِينَ}؛ أي: مكثت عشر سنين {فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} عند شعيب لرعي الأغنام؛ لأن شعيبًا أنكحه بنته صفوراء، على أن يخدمه ثماني سنين، فخدمه عشرًا قضاءً لأكثر الأجلين، كما يأتي في سورة القصص، فقاسمت أثناءها من المحن ما قاسيت، فتحملت بسبب الفقر والغربة آلامًا كثيرة، حتى احتجت إلى أن تؤاجر نفسك لشعيب، وترعى غنمه.

وذكر الليث دون الوصول إليهم (١): إشارة إلى مقاساة شدائد أخرى في تلك السنين، كإيجار نفسه ونحوه مما كان من قبيل الفتون، قال الفراء: {فَلَبِثْتَ سِنِينَ}: معطوف على محذوف تقديره: وفتناك فتونًا، فخرجت إلى أهل مدين،


(١) روح البيان.