للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا تنجزه، وفوَّض تعيين الموعد إلى موسى، إظهارًا لكمال اقتداره على الإتيان بمثل ما أتى به موسى، طال الأمد أم قصر.

وانتصاب {مَكَانًا سُوًى} بفعل مقدر، يدل عليه المصدر لا به، فإنه موصوف، أو على أنه بدل من {مَوْعِدًا} و {سُوًى} بضم السين وكسرها بمعنى: العدل والمساواة؛ أي: عدلنا مكانًا عدلًا بيننا وبينك، وسطًا يستوي طرفاه، من حيث المسافة علينا وعليكم، لا يكون فيه أحد الطرفين أرجح من الآخر، أو مكانًا مستويًا لا يحجب العين ارتفاعه ولا انخفاضه.

وقرأ أبو جعفر وشيبة (١): {لا تخلفه} بجزم الفاء، على أنه جواب الأمر، وقرأ الجمهور: برفعها صفةً لـ {مَوْعِدًا} وقرأ ابن عامر، وحمزة، ويعقوب، والحسن، وقتادة، وطلحة، والأعمش، وابن أبي ليلى، وأبو حاتم، وابن جرير {سُوًى} بضم السين منونًا في الوصل، وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، والكسائي: بكسر السين منونًا في الوصل، وقرأ الحسن أيضًا {سوى} بضم السين من غير تنوين في الحالين، أجرى الوصل مجرى الوقف، لا أنه منعه الصرف؛ لأن: فُعَلًا من الصفات، منصرف كحطم ولبدٍ، وقرأ عيسى: {سوى} بكسر السين من غير تنوين في الحالين، أجرى الوصل أيضًا مجرى الوقف، وقرأ أبي (٢) بن كعب، وأبو المتوكل، وابن أبي عبلة: {مكانًا سواءً} بالمد والهمزة والنصب والتنوين وفتح السين، وقرأ ابن مسعود: مثله إلا أنه كسر السين، قال أبو عبيدة: هو اسم للمكان النصف فيما بين الفريقين، والمعنى: مكانًا تستوي مسافته على الفريقين، فتكون مسافة كل فريق إليه كمسافة الفريق الآخر، قال (٣) أبو علي: كأنه قال: قربه منكم، قربه منا، وقال الأخفش (٤): {سوى} مقصورة إن كسرت سينها، أو ضممت، وممدودة إن فتحتها، ثلاث لغات، ويكون فيها جميعًا بمعنى غير، وبمعنى: عدل ووسط بين الفريقين، وقال الشاعر:


(١) البحر المحيط.
(٢) زاد المسير.
(٣) البحر المحيط.
(٤) البحر المحيط.