للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سرا عاً. اهـ "خازن".

وهذه الجملة يجوز أن تكون مستأنفةً، وأن تكون حالًا من {الدَّاعِيَ} ويجوز أن تكون نعتاً لمصدر محذوف، تقديره: يتبعونه اتباعًا لا عوج له، والضمير: في {لَهُ} فيه أوجه:

أظهرها: أنه يعود على {الدَّاعِيَ}؛ أي: لا عوج لدعائه، بل يُسمع جميعهم، فلا يميل إلى ناس دون ناس.

والثاني: قيل هو عائد على ذلك المصدر المحذوف؛ أي: لا عوج لذلك الاتباع.

والثالث: أن في الكلام قلبًا، تقديره: لا عوج لهم عنه اهـ "سمين".

{وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ}؛ أي: سكنت وخفتت وخفضت {لِلرَّحْمَنِ}؛ أي: لهيبته، وذلت أصحابها، وخضعت لجلاله سبحانه، والخشوع: الخضوع، وهو: التواضع والسكون، أو هو في الصوت والبصر، والخضوع في البدن، وفي "المفردات" (١) الخشوع: الضراعة، وأكثر ما يستعمل فيما يوجد على الجوارح، والضراعة: أكثر ما يستعمل فيما يوجد في القلب، ولذلك قيل فيما روي: إذا ضرع القلب .. خشعت الجوارح، والصوت: هواء متموج بتصادم جسمين، وهو عام، والحرف: مخصوص بالإنسان {فَلَا تَسْمَعُ} أيها المخاطب ويا محمد حينئذ {إِلَّا هَمْسًا}؛ أي: إلا صوتًا خفيًا، وهو صوت وطء الأقدام في مشيها إلى المحشر، كصوت أخفاف الإبل في مشيها، يقال: همست الإبل: إذا سمع ذلك من وقع أخفافها على الأرض اهـ "سمين"، ومعنى {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ}؛ أي: يوم (٢) يرى الناس هذه الأهوال .. يتبعون صوت داعي الله الذي يجمعهم إلى موقف الحساب والجزاء، ولا يكون لهم ميل عنه ولا انحراف، ولكنهم سراعًا إليه يقبلون، إذا أمروا بشيء قالوا: لبيك ونحن بين يديك والأمر منك وإليك، كما قال {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} وقال: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} ومعنى: {وَخَشَعَتِ


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.