للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المختلفة. اهـ. {وَصَرَّفْنَا فِيهِ}؛ أي: وبينا في القرآن، وكررنا فيه بعض الوعيد والتهديد، وفي "التأويلات النجمية"؛ أي: أوعدنا فيه قومك بأصناف العقوبات التي عاقبنا بها الأمم الماضية، وكررنا ذلك عليهم، قال في الكبير: يدخل تحته بيان الفرائض والمحارم؛ لأن الوعيد بهما يتعلق. {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}؛ أي: لكي يخافوا عقاب الله، فيجتنبوا الشرك والمعاصي، بالفعل {أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ} القرآن ويجدد لهم {ذِكْرًا}؛ أي: إيقاظًا واتعاظًا واعتبارًا بهلاك من قبلهم من الأمم، حين يسمعونهم فيثبطوا عنها, ولهذه (١) النكتة أسند التقوى إليهم والإحداث إلى القرآن، وإحداث (٢) الشيء إيجاده بعد أن لم يكن، والحدوث: كون الشيء بعد أن لم يكن عرضًا كان أو جوهرًا. وفي "الكرخي": أضيف الذكر إلى القرآن ولم تضف التقوى إليه؛ لأن التقوى: عبارة عن أن لا يفعل القبيح، وذلك استمرار على العدم الأصلي، فلم يحسن إسناده إلى القرآن، وأما حدوث الذكر .. فأمر يحدث بعد أن لم يكن، فجازت إضافته إلى القرآن. اهـ. وقرأ (٣) الحسن: {أو يحدث} ساكنة الثاء، وقرأ عبد الله، ومجاهد، وأبو حيوة، والحسن - في رواية - والجحدري، وسلام: {أو نحدث} بالنون وجزم الثاء، وذلك حمل وصل على وقف، أو تسكين حرف الإعراب استثقالًا لحركته، وفي "زاد المسير": وقرأ ابن مسعود، وعاصم الجحدري: {أو نحدث} بنون مرفوعة. انتهى.

ومعنى الآية: أي وخوفناهم بضروب من الوعيد، كي يجتنبوا الشرك، والوقوع في المعاصي والآثام، أو يحدث لهم عظةً تدعوهم إلى فعل الطاعات.

وخلاصة ذلك: أنهم بدراستهم: إما أن يصلوا إلى مرتبة هي ترك المعاصي والوقوع في الآثام، وإما أن يرتقوا إلى مرتبة هي فوق ذلك، وهي: أن يفعلوا الطاعات، ويؤدوا الفرائض والواجبات.


(١) البيضاوي.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.