الثالث: لا يجوز أن يأتوا بصغيرة ولا كبيرة البتة، بل على وجه التأويل، وهو قول الجبائي.
الرابع: أنه لا يقع منهم الذنب إلا على جهة السهو والخطأ.
الخامس: أنه لا يقع منهم لا كبيرة ولا صغيرة، لا على سبيل العمد، ولا على سبيل السهو، ولا على سبيل التأويل، وهو قول الشيعة.
واختلف الناس في وقت العصمة على ثلاثة أقوال:
أحدها: قول من ذهب إلى أنهم معصومون من حين وقت الولادة، وهو قول الشيعة.
الثاني: قول من ذهب إلى عصمتهم من وقت بلوغهم، وهو قول أكثر المعتزلة.
الثالث: قول من ذهب إلى أن ذلك لا يجوز منهم بعد النبوة، وهو قول أكثر أصحابنا، وأبي الهذيل وأبي علي من المعتزلة.
قال الإِمام: والمختار عندنا: أنه لم يصدر عنهم ذنب لا صغيرة ولا كبيرة، من حين جاءتهم النبوة، ويدل عليه وجوه:
أحدها: أنه لو صدر الذنب عنهم .. لكان أقل درجة من أحد الأمة، وذلك غير جائز أيضًا؛ لأن درجة الأنبياء غاية في الرفعة والشرف.
والثاني: أنه لو صدر منه .. وجب أن يكون مقبول الشهادة، فكان أقل حالًا من عدول الأمة، وذلك غير جائز أيضًا؛ لأن معنى النبوة والرسالة: هو أن يشهد على الله أنه شرع هذا الحكم، وأيضًا فإنه يوم القيامة شاهد على الكل.
الثالث: لو صدر من النبي ذنب .. وجب الاقتداء به فيه، وذلك محال.
الرابع: ثبت ببديهة العقل أنه لا شيء أقبح ممن رفع الله درجته، وائتمنه على وحيه، وجعله خليفته في عباده وبلاده، يسمع ربه يناديه: لا تفعل كذا، فيقدم عليه ويفعله ترجيحًا لغرضه، واجتمعت الأمة على أن الأنبياء كانوا يأمرون