للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كونهم قائلين تحسرًا وندامة {يَا وَيْلَنَا} ويا هلاكنا، تعال إلينا، فهذا أوان حضورك. وجملة قوله: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ} جواب الشرط في قولهه: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ}. وإذا (١) للمفاجأة سدّ مسدّ الفاء الجزائية كقوله تعالى: {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} فإذا جاءت الفاء معها تظاهرتا على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد، والضمير للقصة. و {شَاخِصَةٌ} خبر مقدم لـ {أَبْصَارُ}، والجملة من المبتدأ والخبر، خبر ضمير القصة مفسرة له.

وقال الفراء والكسائي (٢): الواو في قوله: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ} زائدة مقحمة في جواب الشرط، والمعنى: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحق نظير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) أي: ناديناه. وعلى هذا القول، فالفاء في قوله: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ} تكون عاطفة على هذا الجواب. فإن قيل (٣): فتح السد واقتراب الوعد الحق يحصل في آخر أيام الدنيا، والجزاء وشخوص الأبصار إنما يحصل يوم القيامة، والشرط والجزاء لا بد وأن يكونا متقاربين؟

فالجواب: أن التفاوت القليل يجري مجرى العدم، وفي الآية دلالة على أن قيام الساعة. لا يتأخر عن خروج يأجوج ومأجوج، كما روي عن حذيفة - رضي الله عنه - أنه قال: لو أن رجلًا اقتنى، فلوّا بعد خروج يأجوج ومأجوج، لم يركبه حتى تقوم الساعة. والفلوّ المهر؛ أي: ولد الفرس.

والمعنى (٤): أن القيامة إذا قامت ارتفعت أبصار هؤلاء، من شدة الأهوال، فلا تكاد تطرف من شدة ما يخافونه قائلين: يا ويلنا؛ أي: هلاكنا تعال فهذا أوان حضورك {قَدْ كُنَّا} في الدنيا {فِي غَفْلَةٍ} تامة {مِنْ هَذَا} الذي أصابنا ودهمنا من البعث والرجوع إليه للجزاء، ولم نعلم أنه حق، وقوله: {بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} إضراب (٥) عما قبله، من وصف أنفسهم بالغفلة؛ أي: لم نكن غافلين


(١) البيضاوي.
(٢) القرطبي.
(٣) روح البيان.
(٤) المراح.
(٥) روح البيان.