للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والعقل السليم من الإشراك وأصناف المحرمات والمكروهات. {وَلِلَّهِ} خاصة {عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}؛ أي: آخر أمور الخلائق؛ أي: مرجعا، ومصيرها إلى حكمه وتقديره وتدبيره دون غيره، في الثواب عليها أو العقاب في الدار الآخرة. ونحو الآية قوله: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.

والمعنى: أي (١) هؤلاء الذين أخرجوا من ديارهم. هم الذين إن مكنا لهم في البلاد، فقهروا المشركين وغلبوهم عليها أطاعوا الله، فأقاموا الصلاة على النحو الذي طلبه، وأعطوا زكاة أموالهم التي حباها لهم، ودعوا الناس إلى توحيده، والعمل بطاعته، وأمروا بما حثت عليه الشريعة، ونهوا عن الشرك واجتراح السيئات.

وخلاصة ذلك: أنهم هم الذين كملوا أنفسهم باستحضار المعبود، والتوجه إليه في الصلاة على قدر الطاقة، وكانوا عونًا لأممهم بإعانة فقرائهم، وذوي الحاجة منهم، وكملوا غيرهم فأفاضوا عليهم من علومهم وآدابهم، ومنعوا المفاسد التي تعوق غيرهم عن الوصول إلى الرقي الخلقي، والأدب السامي.

وعن ابن عباس (٢) - رضي الله عنهما - رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - "إن من أشراط الساعة، إماتة الصلوات واتباع الشهوات، والميل إلى الهوى، ويكون أمراء خونة، ووزراء فسقة" فوثب سلمان، فقال: بأبي وأمي إنَّ هذا لكائن؟ قال: "نعم يا سلمان، عندها يذوب قلب المؤمن، كما يذوب الملح في الماء، ولا يستطيع أن يغير" قال: أو يكون ذلك؟ قال: "نعم يا سلمان، إن أذل الناس يومئذٍ المؤمن، يمشي بين أظهرهم بالمخالفة، إن تكلم أكلوه، وإن سكت مات بغيظه". قال عمر - رضي الله عنه - للنبي - عليه السلام -: أخبرني عن هذا السلطان الذي ذلت له الرقاب، وخضعت له الأجساد، ما هو؟ فقال: "ظل الله في الأرض، فإذا أحسن فله الأجر، وعليكم الشكر، وإذا أساء فعليه الإصر، وعليكم الصبر". وفي الحديث: "عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة".


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.