سنة؛ أي: وأنشأنا لكم زيتونة {تَخْرُجُ} وتنبت {مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ} هو جبل بين مصر وأيلة نودي عليه موسى عليه السلام {تَنْبُتُ} تلك الشجرة، صفة ثانية لشجرة، والباء في قوله:{بِالدُّهْنِ} للملابسة متعلّقة بمحذوف حال من الشجرة؛ أي: تنبت تلك الشجرة، حالة كونها متلبسة بالدهن، مستصحبة بالدهن، كما قال الراغب معناه: تنبت والدهن موجود فيها بالقوة، ويجوز كون الباء صلة معدية لتنبت، كما في قولك: ذهبت بزيد؛ أي: تنبت الدهن بمعنى: تتضمنه وتحصله، فإن النبات حقيقةً، صفة للشجرة لا للدهن، {وَصِبْغٍ} معطوف على الدهن، جار على إعرابه عطف أحد وصفي الشيء على الآخر؛ أي: إدام {لِلْآكِلِينَ} من قولهم: اصطبغت بالخل؛ أي: تأدمت به؛ أي: تنبت الشجرة بالشيء الجامع بين كونه دهنًا يدهن به، ويسرج منه، وكونه إدامًا يصبغ فيه الخبز؛ أي: يغمس للائتدام ويلون به، كالدبس والخل مثلًا، وأصل الصبغ ما يلون به الثوب، وشبه الإدام به؛ لأن الخبز يكون بالإدام كالمصبوغ به.
والمعنى (١): أي وأنشأنا لكم شجرة الزيتون، التي تنبت في الجبل، بتلك البقعة المباركة، وتثمر زيتونًا تصنع منه الزيوت، التي يدهن بها وتتخذ إدامًا للآكلين.
ذكر تعالى شرف مقر هذه الشجرة، وهو الجبل الذي كلم الله فيه نجيه موسى عليه السلام، ثم ذكر ما فيها من الدهن، والصبغ، ووصفها بالبركة في قوله:{مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} وهي كثيرة بالشام، وقال الجمهور: سيناء اسم الجبل، كما تقول جبل أحد، من إضافة العام إلى الخاص، وقال مجاهد: معنى سيناء مبارك، وقال قتادة معناه: الحسن، والقولان عن ابن عباس، وقيل: سيناء: اسم حجارة بعينها، أضيف الجبل إليها لوجودها عنده، قاله مجاهد أيضًا.
وقرأ الحرميان - نافع وابن كثير - وأبو عمرو والحسن بكسر السين، وهي لغة لبني كنانة، وقرأ عمر بن الخطاب وباقي السبعة بالفتح، وهي لغة سائر العرب، وقرىء {سينا} مقصورًا، وبفتح السين، والأصح أن سيناء اسم بقعة،