للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واللام في قوله: {لَمَنِ اشْتَرَاهُ} هي لام الابتداء، وهي المانعة من عمل علم وأخواتها، وهي أحد الأسباب المُوِجبة للتعليق، وأجازوا حَذْفَها، وهي باقيةٌ على منع العمل، وخرَّجُوا على ذلك قوله:

كَذاكَ أُدِّبْتُ حتَّى صَارَ مِنْ خُلُقِي ... إنّي وجدتُ مِلاكُ الشِيمةِ الأَدبُ

يريد لَمُلاكُ الشيمة، و {مِنْ} هنا موصولة، وهي مرفوعة بالابتداء، والجملة من قوله: {مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} في موضع خبرها؛ أي: لقد (١) علموا أنَّ من اشترى السحر، واختاره، واستبدل ما تتلو الشياطين بكتاب الله تعالى، ما له في الآخرة من خلاق ونصيبٍ من دار الكرَامة؛ لأنّه من أهل النار؛ أي: ليس لذلك المشتري، والآخذ بالسحر في الآخرة خلاقٌ، وحظٌّ، ونصيبٌ من الجنة، بل هو من أهل النار.

والمعنى (٢): أي إنَّهم عالمون بأنَّ من اختار هذا، وقدَّمه على العلم بأصول الدين وأحكام الشريعة التي توصل إلى السعادة في الدارين، فليس له حظٌّ في الآخرة؛ لأنّه خالف حكم التوراة التي حظَرت تعلُّم السحر، وجعلت عقوبة من اتبع الجنَّ، والشياطين، والكهان، كعقوبة عابدي الأصنام والأوثان، واللام في قوله: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} موطئةٌ (٣) لقسم محذوف، والشراء هنا بِمَعْنَى: البيعِ؛ لأنَّ الشراء من الأضداد، والمخصوص بالذمّ محذوف.

والمعنى (٤): وعزّتي وجلالي: لبئس وقَبُح الشيء شيئًا باعوا به حظوظ أنفسهم في الآخرة، والمخصوص بالذمّ تعلُّم السحر، أو الكفر حيث اختاروا السحر ونبذوا كتاب الله تعالى؛ يعني: أنَّ اليهود لمَّا نبذوا كتاب الله تعالى وراء ظهورهم، وأقبلوا على التَّمسُّكِ بما تتلو الشياطين، فكأنَّهم قد اشتروا ذلك السحر بكتاب الله تعالى.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.
(٤) العمدة.