للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حادث في أوروبا الآن، من وجود نسل بازدواج غير شرعي، مما تئن منه الأمم والجماعات، إلى نحو ذلك، مما هو ظلم وعدوان، وبعد أن أنبهم سبحانه على كراهتهم للحق، شنع عليهم بعراضهم عما فيه الخير لهم، وهو يخالف ما جبلت عليه النفوس من الرغبة في ذلك، فقال: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ} انتقال من تشنيعهم بكراهة الحق الذي يقوم به العالم إلى تشنيعهم بالإعراض عما فيه فخرهم وشرفهم، وهو القرآن المعبر عنه بالذكر؛ أي: بل جئناهم بالقرآن الذي فيه ذكرهم وفخرهم وشرفهم، الذي يجب عليهم أن يقبلوه ويقبلوا عليه أكمل إقبال؛ أي: كيف يكرهون الحق مع أن القرآن أتاهم بتشريفهم وتعظيمهم، فاللائق بهم الانقياد.

وفي "التأويلات النجمية": بل أتيناهم بما فيه لهم صلاح في الحال، وذكر في المآل {فَهُمْ} مع ذلك بما فعلوا من الاستكبار والنكوص عن هذا الذكر المختص بهم {عَنْ ذِكْرِهِمْ}؛ أي: عن صلاح حالهم وشرف مآلهم {مُعْرِضُونَ} لا يلتفتون إليه بحال من الأحوال، لا عن غير ذلك مما لا يحسن الإقبال عليه، والاعتناء به من أهوائهم. ونسبة الإتيان الحقيقي إلى الله لا تصح، وإنما هو مجاز؛ أي: بل آتاهم كتابنا أو رسولنا.

والمعنى (١): بل جئناهم بالقرآن، الذي فيه فخرهم وشرفهم، فأعرضوا عنه ونكصوا على أعقابهم وازدروا به، وجعلوه هزوًا وسخريةً، وما كان لهم أن يفعلوا ذلك. ونحو الآية قوله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}.

وقرأ الجمهور (٢): {بل أتينهم} بنون العظمة. وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر ويونس عن أبي عمرو {بل أتيتهم} بتاء المتكلم، وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى أيضًا وأبو البرهشيم وأبو حيوة والجحدري وابن قطيب وأبو رجاء {بل أتيتهم} بتاء الخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم -. وقرأ الجمهور {بِذِكْرِهِمْ}؛ أي: بوعظهم،


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.