حركة الواو إلى ما قبلها، ثم قلبت ألفًا. هذا ما قاله علماء اللغة، ولكن اعترض بعضهم على هذا التنظير، وحجته أن استكان على تأويله أحد أقسام استفعل الذي معناه التحول، كقولهم استحجر الطين استنوق الجمل. وأما استحال فثلاثية، حال إذا انتقل من حال إلى حال، وإذا كان الثلاثي يفيد التحول لم يبق لصيغة استفعل فيه أثر، فليس استحال من استفعل للتحول، ولكنه من استفعل بمعنى فعل، وهو أحد أقسامه إذا لم يزد السداسي فيه على الثلاثي معنىً، ثم نعود إلى تأويله، فنقول: المعنى عليه فما انتقلوا من كون التكبر والتجبر والاعتياص إلى كون الخضوع والضراعة إلى الله.
{مُبْلِسُونَ} في "المصباح" البلاس مثل سلام: المسح، وهو فارسي معرب، والجمع بلس بضمتين. مثل عناق وعنق، وأبلس الرجل إبلاسًا سكت. وأبلس أيس، وفي التنزيل فإذا هم مبلسون. اهـ. ومنه إبليس ليأسه من رحمة الله. اهـ.
{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَار}؛ أي: لتحسوا بهما ما نصب من الآيات، وفيه تنبيه، على أن من لم يعمل هذه الأعضاء، فيما خلقت له .. فهو بمنزلة عادمها. {ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: خلقكم وبثكم فيها. {اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}؛ أي: تعاقبهما من قولهم: فلان يختلف إلى فلان؛ أي: يتردد عليه بالمجيء والذهاب. {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} واحدها أسطورة، كاحدوثة وأعجوبة، قاله المبرد وجماعة. {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} أصله تتذكرون، فقلبت التاء الثانية ذالًا فأدغمت الذال في الذال.
{مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ}: والواو والتاء في الملكوت زائدتان: للمبالغة كزيادتهما في الرحموت والرهبوت والجبروت للمبالغة في الرحمة والرهبة والجبر. {وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ} يقال: أجرت فلانًا إذا استغاث بك فحميته، وأجرت عليه إذا حميت عنه. {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}؛ أي: فكيف تخدعون وتصرفون عن الرشد.
{عَمَّا يُشْرِكُونَ} قال الراغب: شرك الإنسان في الدين ضربان: