ومنها: الطباق بين {الصَّادِقِينَ} و {الْكَاذِبِينَ}.
ومنها: حذف جواب لولا للتهويل في قوله: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} وللإشعار بضيق العبارة عن حصره، حتى يذهب الوهم في تقديره كل مذهب، فيكون أبلغ في البيان، وأبعد في التهويل والزجر.
ومنها: الالتفات في قوله: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} فقد التفت من الغيبة في قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} إلى الخطاب لتسجيل المنة على المخاطبين، بحيث لا تبقى لديهم أعذار واهية، يتشبثون بها إذا هم تجاوزوا حدود ما بينه لهم.
ومنها: التغليب في قوله: {عَلَيْكُمْ} فقد غلب صيغة الذكور على صيغة الإناث حيث لم يقل عليكم وعليكن؛ لأنه بصدد مخاطبة الفريقين؛ أي: القاذفين والمقذوفات.
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
تتمة: في التعبير بالإحصان في قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} إشارة لطيفة إلى أن قذف العفيف من الرجال أو النساء موجب لحد القذف، وأما إذا كان الشخص معروفًا بالفجور، أو مشهورًا بالاستهتار، والمجون فلا حد على قاذفه؛ لأنه كرامة للفاسق الماجن، فتدبر.
دقيقة: لماذا عدل عن قوله: {تَوَّابٌ رَحِيمٌ} إلى قوله: {تَوَّابٌ حَكِيمٌ} مع أن الرحمة تناسب التوبة، والجواب أن الله عز وجل، أراد الستر على العباد بتشريع اللعان بين الزوجين، فلو لم يكن اللعان مشروعًا، لوجب على الزوج حد القذف، مع أن الظاهر صدقه ولو أكتفى لعانه .. لوجب على الزوجة حدّ الزنا، فكان من الحكمة وحسن النظر لهما جميعًا، أن شرع هذا الحكم، ودرأ عنهما العذاب بتلك الشهادات. فسبحانه ما أوسع رحمته وأجلّ حكمته.
قال بعضهم: وإنما قال الله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} ولم يقل: ولولا فضل عبادتكم وصلاتكم وجهادكم وحسن قيامكم بأمر الله {مَا زَكَى