للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قرأ (١) ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر، وحفص عن عاصم {ثلاث عورات} برفع الثاء المثلثة من ثلاث.

والمعنى: هذه الأوقات هي ثلاث عورات؛ لأن الإنسان يضع فيها ثيابه، فربما بدت عورته. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم {ثلاث عورات} بنصب المثلثة. قال أبو علي وجعلوه بدلًا من قوله: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} والأوقات ليست بعورات، ولكن المعنى أنها أوقات ثلاث عورات، فلما حذف المضاف أعرب بإعراب المحذوف.

وقرأ (٢) أبو عبد الرحمن السلمي وسعيد بن جبير والأعمش {عَوْرَاتٍ} فتح الواو وهي لغة هديل بن مدركة وبني تميم.

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ} أيها المؤمنون الأحرار والحرائر في تمكينهم من الدخول عليكم {وَلَا عَلَيْهِمْ} أي: ولا على المماليك والخدم والصبيان {جُنَاحٌ} أي: حرج وإثم في الدخول عليكم بغير استئذان لعدم ما يوجبه من مخالفة الأمر، والاطلاع على العورات، ولعدم تكليف الصبيان. {بَعْدَهُنّ} أي: بعد مضي هذه الأوقات الثلاثة. فرفع الحرج عن الفريقين جميعًا؛ أي: بعد (٣) كل واحدة من تلك العورات الثلاث، وهي الأوقات المتخللة بين كل وقتين منهن، فالاستئذان لهؤلاء مشروع فيها, لا بعدها. ولغيرهم في جميع الأوقات. وهذه الجملة مستأنفة، مقررة للأمر بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة. ويجوز أن تكون في محل رفع صفةً لثلاث عورات على قراءة الرفع فيها. والمعنى: من ثلاث عورات مخصوصة بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة.

ثم بين العلة في ترك الاستئذان في هذه الأوقات، بقوله: {طَوَّافُونَ} وهو خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هم يعني المماليك والصبيان جوالون {عَلَيْكُمْ} أيها الأحرار والحرائر للخدمة طوافًا كثير، يذهبون ويجيؤون. والطواف: الدوران


(١) زاد المسير.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.