للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكبر لا قعود الجلوس. كما قالوا: امرأة حامل، ليدل بحذف الهاء على أنه حمل حبل، لا حمل متاع. ويقال: قاعدة في بيتها بمعنى جالسة في بيتها، وحاملة على ظهرها. {مِنَ النِّسَاءِ} حال من الضمير المستكن في القواعد؛ أي: والعجائز اللاتي قعدن عن الحيض والحمل حالة كونهن من النساء {اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} وزواجًا، صفة للقواعد لا للنساء؛ أي: لا يطمعن في النكاح لكبرهن، فاعتبر فيهن القعود عن الحيض والحمل والكبر أيضًا؛ لأنه ربما ينقطع الحيض والرغبة فيهن باقية. {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ} الجملة خبر المبتدأ؛ أي: فليس عليهن إثم ووبال في {أَنْ يَضَعْنَ} وينزعن {ثِيَابَهُنَّ}؛ أي: الثياب الظاهرة كالجلباب والإزار فوق الثياب، والقناع فوق الخمار عند الرجال الأجانب، لا الثياب التي على العورة الخاصة. وإنما جاز لهن ذلك لانصراف الأنفس عنهن، إذ لا رغبة للرجال فيهن، فأباح الله سبحانه لهن ما لم يبحه لغيرهن تخفيفًا عليهن.

ثم استثنى حالةً من حالاتهن. فقال: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} حال من فاعل يضعن؛ أي: حالة كونهن غير مظهرات للزينة الخفية، التي أمرن بإخفائها في قوله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ} كالسوار والخلخال والقلادة.

والمعنى (١): من غير أن يردن بوضع الجلابيب إظهار زينتهن، ولا متعرضات بالتزين لينظر إليهن الرجال. والتبرج التكشف والظهور للعيون. ومنه بروج مشيدة، وبروج السماء. ومنه قولهم سفينة بارجة؛ أي: لا غطاء عليها.

وقال في "فتح الرحمن"، فإن قلت: كيف أباح تعالى بذلك للقواعد من النساء، وهن العجائز، التجرد من الثياب بحضرة الرجال؟

قلت: المراد بالثياب الزائدة على ما يسترهن.

والمعنى: أي (٢) والنساء اللواتي قعدن عن الولد كبرًا، وقد يئسن من التبعل، فلا يطمعن في الأزواج، فليس عليهن إثم، ولا حرج في أن يخلعن


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.