أمر الفتوى. كما أشار إليه قوله تعالى:{وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ}
وفي الحديث:"لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به، حذرًا مما به بأس". قال ابن سيرين: ما غشيت امرأة قط، لا في يقظة ولا في نوم، غير أم عبد الله. وإني لأرى المرأة في المنام، فاعلم أنها لا تحل لي، فأصرف بصري. قال بعضهم: ليت عقلي في اليقظة كعقل ابن سيرين في المنام.
واعلم: أن عدم رجاء النكاح إنما هو من طرف الرجل لا من طرف العجوز غالبًا، فإنه حكي أن عجوزًا مرضت، فأتى ابنها بطبيب، فرآها متزينة بأثواب مصبوغة فعرف حالها, فقال: ما أحوجها إلى الزوج. فقال الابن: ما للعجائز والأزواج. فقالت: ويحك أنت أعرف من الطبيب.
وحكي: أنه لما مات زوج رابعة العدوية، استأذن عليها الحسن البصري وأصحابه، فأذنت لهم بالدخول عليها، وأرخت سترًا، وجلست وراء الستر. فقال لها الحسن وأصحابه: إنه قد مات بعلك ولا بد لك منه. قالت: نعم وكرامةً. قالت: من أعلمكم حتى أزوِّجه نفسي، فقالوا: الحسن البصري. فقالت: إن أجبتني في أربع مسائل فأنا لك. فقال: سلي إن وفقني الله أجبتك. فقالت: ما تقول: لو مت أنا وخرجت من الدنيا، مت على الإيمان أم لا؟ قال: هذا غيب لا يعلمه إلا الله. ثم قالت: ما تقول: لو وضعت في القبر وسألني منكر ونكير أأقدر على جوابهما أم لا. قال: هذا غيب أيضًا. ثم قالت: إذا حشر الناس يوم القيامة وتطايرت الكتب أأعطى كتابي بيميني أم بشمالي. قال: هذا غيب أيضًا. ثم قالت: إذا نودي في الخلق: فريق أى الجنة، وفريق أى السعير، كنت أنا من أي الفريقين؟ قال: هذا غيب أيضًا. قالت: من كان ليس له علم هذه الأربعة، كيف يشتغل بالتزوج. ثم قالت: يا حسن أخبرني كم خلق الله العقل؛ قال: عشرة أجزاء تسعة للرجال وواحد للنساء. ثم قالت: يا حسن كم خلق الله الشهوة. قال: عشرة أجزاء، تسعة للنساء وواحد للرجال. قالت: يا حسن أنا أقدر على حفظ تسعة أجزاء من الشهوة بجزء من العقل. وأنت لا تقدر على حفظ جزء من الشهوة بتسعة أجزاء من العقل. فبكى الحسن وخرج من عندها.