للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جَنَّةُ الْخُلْدِ} كما سبق، فليست المفاضلة على بابها. ويمكن (١) إبقاؤها على بابها، ويكون التفضيل وقع بين المستقرين والمقيلين باعتبار الزمان الواقع ذلك فيه، فالمعنى: خير مستقرًا في الآخرة من الكفار المترفين في الدنيا، وأحسن مقيلًا في الآخرة من أولئك في الدنيا. وقيل: خير مستقرًا منهم لو كان لهم مستقر، فيكون التقدير: لو وجد لهم مستقر .. يكون مستقر المؤمنين خيرًا من مستقرهم.

والمعنى: أي (٢) إن منازل أهل الجنة خير من منازل أولئك المشركين الذين يفتخرون بأموالهم وما أوتوا من الترف والنعيم في الدنيا، وأحسن فيها قرارًا حين القائلة من مثلها لهم في الدنيا؛ لما يتزين به مقيلهم من حسن الصور وجمال التنوق والأبّه والزخرف وغيرها من المحاسن التي لا يوجد مثلها في الدنيا في بيوت المترفين، ولما فيه من نعيم لا يشوبه كدر ولا تنغيص، بخلاف مقيل الدنيا.

والمراد بالمقيل هنا المكان الذي ينزل فيه للاستراحة بالأزواج، والتمتع بمغازلتهن؛ أي: محادثتهن ومراودتهن، وإلا فليس في الجنة حر ولا نوم، بل استراحة مطلقة من غير غفلة، ولا ذهاب حس من الحواس، وكذا ليس في النار مكان استراحة ونوم للكفار، بل عذاب دائم وألم باق، وإنما سمي بالمقيل؛ لما روي أن أهل الجنة لا يمر بهم يوم القيامة إلا قدر النهار من أوله إلى وقت القائلة حتى يسكنون مساكنهم في الجنة، وأهل النار في النار، وأما المحبوسون من العصاة، فتطول عليهم المدة مقدار خمسين ألف سنة من سني الدنيا. والعياذ بالله تعالى. ثم في {أَحْسَنُ} رمز إلى أن مقيل أهل الجنة مزين بفنون الزين والزخارف كبيت العروس في الدنيا.

وفي الحديث: "من سعادة المرء المسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء"، وسئل بعضهم عن الغنى، فقال: سعة البيت ودوام القوت. ثم


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.