للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنما أضمر اسم {يَكُونُ} من غير ذكر للإيذان بغاية ظهوره وتهويل أمره، للتنبيه على أنه مما لا يكتنهه الوصف والبيان، وعن بعضهم: أن المراد بالجزاء جزاء الدنيا، وهو ما وقع يوم بدر، قتل منهم سبعون، وأسر منهم سبعون، ثم اتصل به عذاب الآخرة لازمًا لهم.

وقال الزمخشري في هذه الآية (١): لما وصف الله سبحانه عبادة العباد، وعدد صالحاتهم وحسناتهم، وأثنى عليهم من أجلها، ووعدهم رفع الدرجات .. أتبع ذلك ببيان أنه إنما اكترث بأولئك، وعبأ بهم، وأعلى ذكرهم لأجل عبادتهم، فأمر رسوله بأن يقول لهم: إن الاكتراث بهم عند ربهم إنما هو لأجل عبادتهم وحدها, لا لمعنى آخر، ولولا عبادتهم لم يكترث بهم البتة، ولم يعتد بهم، ولم يكونوا عنده شيئًا يبالي به اهـ "كشاف".

وقال زاده: أي إن مبالاة الله تعالى واعتناءه بشأنهم حيث خلق السموات والأرض وما بينهما إرادة للانتظام إنما هو ليعرفوا حق المنعم، ويطيعوه فيما كلفهم به اهـ.

ومعنى الآية: أي (٢) قل لهؤلاء الذين أرسلت إليهم: إن الفائزين بتلك النعم الجليلة التي يتنافس فيها المتنافسون إنما نالوها بما ذكر من تلك المحاسن، ولولاها لم يعتد بهم ربهم، ومن ثم لا يعبأ بكم إذا لم تعبدوه، فما خلق الإنسان إلا ليعبد ربه، ويطيعه وحده لا شريك له، كما قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦){فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} أما أنتم إذ خالفتم حكمي، وعصيتم أمري، ولم تعملوا عمل أولئك الذين ذكروا من قبل، وكذبتم رسولي .. فسوف يلزمكم أثر تكذيبكم، وهو العقاب الذي لا مناص منه، فاستعدوا له، وتهيؤوا لذلك اليوم، فكل آت قريب.

وخلاصة ذلك: لا يعتد بكم ربي لولا عبادتكم إياه، أما الكافرون منكم


(١) الكشاف.
(٢) المراغي.