يريد أن بني إسرائيل لقلتهم وحقارتهم لا يبالي بهم، ولا يتوقع علوهم وغلبتهم، ولكنهم يفعلون أفعالًا تغيظنا وتضيق بها صدورنا، ونحن جمع وقوم من عادتنا التيقظ والحذر واستعمال الحزم في الأمور، فإذا خرج علينا خارج سارعنا إلى إطفاء ثائرة فساده، قاله فرعون لأهل المدائن؛ لئلا يظن به أنه خاف من بني إسرائيل.
وقيل: معنى {حَاذِرُونَ}؛ أي: خائفون من شرهم. وقيل: ذووا قوة وأداة، شاكون السلاح؛ أي: متسلحون.
وقرأ الكوفيون وابن ذكران وزيد بن علي {حَاذِرُونَ} بالألف بعد الحاء؛ أي: شاكون السلاح، وقرأ باقي السبعة {حذرون} بغير ألف؛ أي: متيقظون. وقال الزجاج: مؤدون؛ أي: متسلحون، وقرأ سميط بن عجلان وابن أبي عمار وابن السميقع:{حادرون} بالدال المهملة؛ أي: أقوياء أشداء.
فصل في بيان كيفية خروجهم من مصر
وقد جاء في سفر الخروج من التوراة في الإصحاح الحادي عشر: إن الرب أمر أن يطلب كل رجل من صاحبه، وكل امرأة من صاحبتها أمتعة ذهب وأمتعة فضة، وأن الله سبحانه سيميت كل بِكْرٍ في أرض مصر من الإنسان والحيوان، وأمرهم أن يذبح أهل كل بيت شاة في اليوم الرابع عشر من شهر الخروج، وأن يلطخوا القائمتين والعتبة العليا من الدار بالدم، وأن يأكلوا اللحم تلك الليلة مشوبًا بالنار مع فطير، وأمرهم أن يأكلوا بعجلة، ويأكلوا الرأس مع الأكارع والجوف، وهذا هو فصح الرب، وهذا الدم علامة على بيوت بني إسرائيل حتى يحفظ كل بكر معهم، ويتخطاهم إلى أبكار المصريين، ويكون أكل الفطير سبعة أيام، ويكون هذا فريضة أبدية تذكارًا بالخروج من مصر من يوم (١٤) من شهر أبيب إلى (٢١) من هذا الشهر كل سنة، وهكذا أمر موسى قومه بذلك، ففعلوا كل هذا، ونجا أولادهم، وصار ذلك سنة أبدية، ولما مات الأبكار من الإنسان والحيوان في جميع بلاد مصر في نصف الليل اشتغل الناس بالأموات، وأخذ بنوا