للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذه الآية لما قبلها: أن إبراهيم الخليل عليه السلام لما أثنى (١) على ربه سبحانه بما أثنى عليه .. ذكر مسألته ودعاءه إياه بما ذكره، كما هو دأب من يشتغل بدعائه تعالى، فإنه يجب عليه أن يتقدم بالثناء عليه وذكر عظمته وكبريائه؛ ليستغرق في معرفة ربه ومحبته، ويصير أقرب شبهًا بالملائكة الذين يعبدون الله سبحانه بالليل والنهار لا يفترون، وبذا يستنير قلبه إلى ما هو أرفق به في دينه ودنياه، وتحصل له قوة إلهية تجعله يهتدي إلى ما يريد، ومن ثم جاء في الأثر حكاية عن الله تعالى: "من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين".

قوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠)} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه لما ذكر (٢) إبراهيم عليه السلام أنه لا ينفع في هذا اليوم مال ولا بنون، وإنما ينفع البعد عن الكفر والنفاق .. ذكر هنا من وصف هذا اليوم أمورًا تبين شديد أهواله وعظيم نكاله.

قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)} الآية، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما قص على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قصص أبيه إبراهيم وما لقيه من تكذيب قومه له مع ما أرشدهم إليه من أدلة التوحيد، وما حجّهم به من الآيات .. أردف هذا بقصص الأب الثاني؛ وهو نوح عليه السلام، وفيه ما لاقاه من قومه من شديد التكذيب لدعوته وعكوفهم على عبادة الأصنام والأوثان، وأنه مع طول الدعوة لهم لم يزدهم ذلك إلَّا عتوًا واستكبارًا، وقد كان من عاقبة أمرهم ما كان لغيرهم ممن كذبوا رسل ربهم بعد أن أملى لهم بطول الأمد {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣)}، فأغرقهم الطوفان، ولم ينج منهم إلَّا من حملته السفينة، وهذا القصص مجمل هنا تقدم تفصيله في سورتي الأعراف وهود، وسيأتي بسطه أتم البسط في سورة نوح.

قوله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر قصص نوح وقومه، وأن نوحًا دعاهم وحذّرهم عقاب الله


(١) المراغي.
(٢) المراغي.