للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبعد أنَّ أقام عليهم الحجة دعاهم وناداهم بقوله: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ...} إلخ. وطلب إليهم أن يتركوا الغرور المانع لهم من الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، إذ لا ينبغي لمن كرَّمه الله تعالى، وفضّله على غيره من الشعوب، أن يكون حظه من كتابه، كحظّ الحمار يحمل أسفارًا.

قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (١): أنّه لما جرى ذكر الكعبة والقبلة، وأنَّ اليهود عيَّروا المؤمنين بتوجُّههم إلى الكعبة، وترك بيت المقدس، كما قال: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ} ذَكَر حديث إبراهيم، وما ابتلاه الله، واستطرد إلى ذكر البيت، وكيفية بنائه، وأنَّهم لمَّا كانوا من نسل إبراهيم، كان ينبغي أن يكونوا أكثر الناس اتباعًا لشرعه، واقتفاءً لآثاره فكان تعظيم البيت لازمًا لهم، فنبَّه الله بذلك على سوء اعتقادهم، وكثرة مخالفتهم، وخروجهم عن سنن من ينبغي اتباعه من آبائهم، وأنّهم وإن كانوا من نسله لا ينالون لظلمهم شيئًا من عهده.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية (٢): ما أخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي، وأحمد، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يصلي على راحلته تطوّعًا أينما توجّهت به، وهو مقبل من مكّة إلى المدينة، ثم قرأ ابن عمر {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} وقال: في هذه نزلت هذه الآية). وعن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: (أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لمّا هاجر إلى المدينة، أمره الله سبحانه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها بضعة عشر شهرًا، وكان يحبّ قبلة إبراهيم، وكان يدعو الله وينظر إلى السماء، فأنزل الله تعالى: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}


(١) البحر المحيط.
(٢) لباب النقول.