للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من النبوة والكتاب وتسخير الشياطين والجن {عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} الذين لم يؤتهم مثل ما آتانا.

تنبيه: وعاش داود مئة سنة، وبينه وبين موسى خمس مئة وتسع وستون سنة. وعاش سليمان نيفًا وخمسين سنة، وبينه وبين محمد ألف وسبع مئة سنة. اهـ. شيخنا نقلًا عن "التجيير".

فائدة: قال في "مشكاة الأنوار": قالت نملة لسليمان عليه السلام: يا نبي الله أتدري لم صار اسم أبيك داود، واسمك سليمان؟ قال: لا. قالت: لأن أباك داوى قلبه عن جراحة الالتفات إلى غير الله سبحانه فَوُدَّ، وأنت سليم تصغير سليم آن لك، أي: حان لك أن تلحق بأبيك، انتهى.

فائدة أخرى: وعلم (١) سبحانه وتعالى سبعة أنفار سبعة أشياء: علم آدم أسماء الأشياء، فكان سببًا في حصول السجود والتحية، وعلم الخضر علم الفراسة، فكان سببًا لوجدان موسى ويوشع تلميذًا له، وعلم يوسف التعبير، فكان سببًا لوجدان الأهل والمملكة، وعلم داود صنعة الدروع، فكان سببًا لوجدان الرياسة والدرجة، وعلم سليمان منطق الطير فكان سببًا لوجدان بلقيس، وعلم عيسى الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، فكان سببًا لزوال التهمة عن الشر، وعلم محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الشرع والتوحيد، فكان سببًا لوجود الشفاعة.

وقال الزمخشري: قوله: {وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ} فإن قلت: أليس (٢) هذا موضع الفاء دون {الواو}، كقولك: أعطيته فشكر، ومنعته فصبر؟

قلت: بلى، ولكن عطفه بالواو إشعارًا بأن ما قالاه بعض ما أحدث فيهما إيتاء العلم، وشيء من موجبه، فاضر ذلك، ثم عطف عليه التحميد، كأنه قال: ولقد آتيناهما علمًا فعملا به وعلماه، وعرفا حق النعمة فيه والفضيلة، وقالا الحمد لله. والكثير المفضل عليه من لم يؤت علمًا، أو من لم يؤت مثل علمهما، كذا قال أبو حيان. وقال غيره: والمفضل عليه من لم يؤت مثل علمهما، لا من


(١) روح البيان.
(٢) الكشاف.