للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: لأن الله سبحانه وتعالى قد أعطاني منه ما لم يعط أحدًا، ومع ذلك أكرمني بالنبوة والدين.

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (١): {أتمدونني} بنونين وياء في الوصل. وروي المسيبي عن نافع: {أتمدوني} بنون واحدة خفيفة وياء في الوصل والوقف. وقرأ عاصم وابن عامر والكسائي: {أَتُمِدُّونَنِ} بغير ياء في الوصل والوقف. وقرأ حمزة {أتمدوني بمال} بنون واحدة مشددة ووقف على الياء. وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم: {فما آتان الله} بكسر النون من غير ياء. وقرأ أبو عمرو ونافع وحفص عن عاصم: {فَمَا آتَانِيَ} بفتح الياء، فكأنهم فتحوا التاء، غير الكسائي، فإنه أمالها من {أتاني الله}.

أي: قال منكرًا لإمدادهم له بالمال مع علو سلطانه، وكثرة أمواله (٢): أتساعدونني وتكرمونني بمال حقير، فما آتاني الله من النبوة والملك العظيم والأموال الكثيرة خير مما آتاكم من المال الذي هذه الهدية من جملته، ثم إنه أضرب عن الإنكار المتقدم، فقال؛ {بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ}؛ أي: بما يهدى إليكم من الأموال. فالمضاف إليه ضمير المهدي إليه {تَفْرَحُونَ} حبًا لزيادة المال وكثرته لما أنكم لا تعلمون إلا ظاهرًا من الحياة الدنيا، توبيخًا لهم بفرحهم بهذه الهدية فرح فخر وخيلاء، وأما أنا فلا أفرح بها، وليست الدنيا من حاجتي؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد أعطاني منها ما لم يعطه أحدًا من العالمين، ومع ذلك أكرمني بالنّبوة. والمراد بهذا الإضراب من سليمان بيان السبب الحامل لهم على الهدية مع الإزدراء بهم والحط عليهم.

وفي "الإرشاد" (٣): إضراب عما ذكر من إنكار الإمداد بالمال إلى التوبيخ بفرحهم بهديتهم التي أهدوها إليه افتخارًا وامتنانًا، واعتدادًا بها، كما ينبىء عنه ما ذكر من حديث الحقة والجزعة وتغيير زي الغلمان والجواري وغير ذلك. انتهى.


(١) زاد المسير.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.