وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: جناس الاشتقاق في قوله: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا}.
ومنها: براعة الاستهلال في قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} فإنه كان هذا الحمد براعة استهلال لما سيلقيه من البراهين والدلائل على الوحدانية، والعلم والقدرة التي سيذكرها.
ومنها: أسلوب التبكيت والتهكم في قوله: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ}.
ومنها: الالتفات في قوله: {فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ} بعد قوله: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} فقد انتقل في نقل الأخبار من الغيبة إلى التكلم عن ذاته في قوله: {فَأَنْبَتْنَا} والسر فيه تأكيد اختصاص فعل الإنبات بذاته تعالى، وللإيذان بأن إنبات الحدائق المختلفة الأصناف، وما يبدو فيها من تزاويق الألوان، وتحاسين الصور ومتباين الطعوم، ومختلف الروائح المتفاوتة في طيب العرف والأريج. كل ذلك لا يقدر عليه إلا قادر خالق، وهو الله وحده، ولذلك رشح هذا الاختصاص بقوله بعد ذلك:{مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا} وقد أدرك أبو نواس هذه الحقيقة، فقال: