وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإسناد المجازي في قوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ} حيث أسند القص إلى القرآن؛ لأن القص لا يوصف به إلا الناطق المميز، ولكن القرآن لما تضمن نبأ الأولين كان كالشخص الذي يقص على الناس الأخبار.
ومنها: المجاز في قوله: {يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ} حيث أطلق الحكم على المحكوم به على سبيل التجوز.
ومنها: المبالغة في قوله: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} لأن فعيلًا من صيغ المبالغة.
ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} إلخ. حيث مثل أحوال الكفار في عدم انتفاعهم بما يتلى عليهم من الآيات بالموتى، وفي عدم إصغائهم إلى الحق وقبولهم له بالصم الذين لا يسمعون النداء، وفي عدم اهتدائم إلى الحق والصواب بالعمي الذين لا يهتدون إلى المقصود.
ومنها: تقييد نفي عدم الاسماع بقوله: {إِذَا وَلَّوْا} لتكميل التشبيه وتأكيد النفي، فإن إسماعهم في هذه الحالة أبعد؛ أي: إن الأصم لا يسمع الدعاء، مع كون الداعي بمقابلة صماخه قريبًا منه، فكيف إذا كان خلفه بعيدًا منه.
ومنها: الالتفات من التكلم إلى الغيبة في قوله: {حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ} لتربية المهابة، وكان مقتضى السياق أن يقال: قلنا؛ لأن قبله {وَيَوْمَ نَحْشُرُ} بالتكلم.
ومنها: الاستفهام التوبيخي في قوله: {أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} للتأنيب.
ومنها: المجاز العقلي في قوله: {وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} فقد أسند الإبصار إلى الزمان، وهو لا يعقل؛ لأن المعنى: ليبصروا بما فيه من الإضاءة طرق التقلب في