للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا أبدًا {ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ}؛ أي: معينًا لهم، يقال: ظاهرته؛ أي: قويت ظهوه بكوني معه؛ أي (١): أقسم يا رب بنعامك علي بالقوة والمعرفة، فلن أكون معينًا لأحد من المشركين، بل أكون معاونًا للمسلمين؛ أي: إني وان أسأت في هذا القتل الذي لم أومر به فلا أترك نصرة المسلمين على المجرمين، ونصرة المؤمن واجبة في جميع الشرائع. قال الكسائي: وفي قراءة عبد الله {فلا تجعلني ظهيرًا للمجرمين}.

وإما استعطاف؛ أي: بحق إحسانك علي اعصمني، فلن أكون معينًا لمن تؤدي معاونته إلى الجرم. والجرم فعل يوجب قطيعة فاعله، وأصله القطع، قال ابن عطاء: العارف بنعم الله من لا يوافق من خالف ولي نعمته، والعارف بالمنعم من لا يخالفه في حال من الأحوال انتهى.

وأراد (٢) بمظاهرة المجرمين، إما صحبة فرعون، وانتظامه في جماعته، وتكثير سواده، حيث كان يركب بمركبه كالولد مع الوالد، وكان يسمى ابن فرعون، واما مظاهرة من أدَّت مظاهرته إلى الجرم والإثم، كمظاهرة الإسرائيلي المؤدية إلى قتل الذي لم يحل له قتله، وقيل: أراد إني وإن أسأت في هذا القتل الذي لم أُومر به فلا أترك نصرة المسلمين على المجرمين، فعلى هذا كان الإسرائيلي مؤمنًا، ونصرة المؤمن واجبة في جميع الشرائع. وقيل في بعض الروايات: إن ذلك الإسرائيلي كان كافرًا، وإنما قيل له إنه من شيعته؛ لأنه كان إسرائيليًا، ولم يرد الموافقة في الدين فعلى هذا ندم؛ لأنه أعان كافرًا على كافر، فقال: لا أكون بعد هذا ظهيرًا للكافرين، وقيل ليس هذا خبرًا بل هو دعاء؛ أي: فلا تجعلني يا رب ظهيرًا للمجرمين، كما تدل عليه قراءة عبد الله، وقال النحاس: إن جعله من باب الخبر أَوْفَى، وأشبه بنسق الكلام اهـ.

ثم إن (٣) هذا الدعاء، وهو قوله: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} إلخ حسن إذا وقع


(١) المراح.
(٢) القرطبي.
(٣) روح البيان.