لقوله:{حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ}، {مِنْ عِنْدِنَا}؛ أي: بأمرنا ووحينا، كما في "كشف الأسرار".
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: فلما جاءهم محمد - صلى الله عليه وسلم - {قَالُوا}؛ أي: قال كفار مكة تعنتًا واقتراحًا، قال بعضهم: قاله قريش بتعليم اليهود {لَوْلَا}؛ أي: هلا {أُوتِيَ} محمد {مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى} من الكتاب جملة لا مفرقًا.
قال بعض العلماء (١): حجبوا بكفرهم عن رؤية كماليته - صلى الله عليه وسلم -، وإلا لقالوا: لولا أوتي موسى مثل ما أوتي محمد من الكمالات؛ أي: فلما جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء القوم الذين لم يأتهم نذير من قبله بالكتاب الكريم، وهم أهل مكة، قالوا تمردًا وعنادًا وتماديًا في الغي والضلال: هلا أُعطي محمد مثل ما أعطي موسى من الكتاب المنزل جملة واحدة، ومن قلب العصا حية، ومن اليد البيضاء، وتظليل الغمام وغير ذلك.
ثم ذكر أن هذه شنشنة المعاندين في كل زمان لا يريدون بما يقولون إظهار الحق، بل يقصدون التمادي والإنكار، ألا ترى أن من أرسل إليهم موسى قالوا مثل هذه المقالة، كما أشار إلى ذلك بقوله:{أَوَلَمْ يَكْفُرُوا} الهمزة فيه للاستفهام الإنكاري داخلة على محذوف، والواو عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أيقولون ذلك، أعني قولهم: لولا أوتي مثل ما أوتي موسى؛ أي: أيقول كفار مكة ذلك ولم يكفروا {بِمَا أُوتِيَ مُوسَى} وأُعطي من الكتاب.
{مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبل هذا القول، كما كفروا بهذا القرآن، فإن كفار قريش كانوا منكرين لجميع النبوَّات، فلما طلبوا من محمد - صلى الله عليه وسلم - معجزات موسى عليه السلام رد الله تعالى عليهم بذلك القول, لأنه لا غرض لهم من هذا الاقتراح إلا التعنت.
ثم بين سبحانه كيفية كفرهم فقال:{قَالُوا}؛ أي: قال كفار مكة هما