وقهره أهلها، وإظهار عز الإِسلام، وإذلال المشركين، وهذا وعد من الله سبحانه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو بمكة في أذى، وغلبة من أهلها، أنه يهاجر منها، ويعيده إليها ظاهرًا ظافرًا، وهذه إحدى معجزاته - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أخبر عن الغيب، ووقع كما أخبر؛ أي: فلا تظن أنه يسلك بك سبيل أبويك إبراهيم في هجرته من حران بلد الكفر إلى الأرض القدسة فلم يعد إليها، إسماعيل من الأرض المقدسة إلى أقدس منها فلم يعد إليها.
ولما قال المشركون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنك لفي ضلال مبين .. نزل قوله تعالى:{قُلْ} يا محمد لمن خالفك وكذبك من قومك المشركين ومن تبعهم {رَبِّي أَعْلَمُ}؛ أي: يعلم {مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى} من عنده وما يستحقه من الثواب في المعاد، والإعزاز والنصرة في الدنيا منى ومنكم، يريد به نفسه، {وَ} يعلم {مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}؛ أي: بيِّن، وما يستحقه من العقاب في الآخرة والإذلال في الدنيا، يريد به المشركين.
ودلت الآية الكريمة (١) على أن الله تعالى يفتح على المهتدي ويقهر الضال، ولكل عسر يسر، فسوف يراه من يصبر، فلا ينبغي للعاقل أن ييأس من روح الله، روي أن رجلًا ركب البحر فانكسرت السفينة فوقع في جزيرة فمكث ثلاثة أيام لا يرى أحدًا، ولم يذق شيئًا فتمثل بقوله: