{إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ} أصل (١) القتل إزالة الروح عن الجسد كالموت، لكن إذا اعتُبر بفعل المتولي لذلك، يقال: قتل، وإذا اعتُبر بفوت الحياة، يقال: موت. {أَوْ حَرِّقُوهُ} والفرق بين التحريق والإحراق، وبين الحرق، أن الأول: إيقاع ذات لهب في الشيء، ومنه استُعير أحرقني بلومه إذا بالغ في أذيته بلوم، والثاني: إيقاع حرارة في الشيء من غير لهب، كحرق الثوب بالدق، كما في "المفردات". كما مر.
{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} وآمن به متقارب في المعنى، كما مر. {وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} قال في "المفردات": الهجر والهجران مفارقة الإنسان غيره، إما بالبدن، أو باللسان، أو بالقلب، قال بعضهم: معناه إني راجع من نفسي ومن الكون إليه، فالرجوع إليه بالانفصال عما دونه، ولا يصح لأحد الرجوع إليه، وهو متعلق بشيء من الكون، حتى ينفصل عن الأكوان أجمع ولا يتصل بها.
{وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا} وأجر الدنيا الرزق الواسع الهني والمنزل الرحب، والمورد العذب، والزوجة الصالحة والثناء الجميل والذِكرُ الحسن، {لَمِنَ الصَّالِحِينَ} جمع صالح وهو الباقي على ما ينبغي، يقال: طعام بعد صالح؛ أي: هو باق على حال حسنة.
{لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} الفاحشة الفعلة القبيحة، التي تنفر منها النفوس الكريمة.
{وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ} والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك، وفيه سهولة، وقطع الطريق يقال: على وجهين:
أحدهما: يراد به قطع السير والسلوك.
والثاني: يراد به الغصب من المارة والسالكين للطريق؛ لأنه يؤدي إلى انقطاع الناس عن الطريق، فجُعل قطعًا للطريق، وكانوا يتعرضون للسابلة بالقتل وأخذ الأموال.