للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكفار بأيديكم وألسنتكم أي: بما يسوءهم من الكلام، كالهجوِ ونحوهِ، قال ابن عطاء: المجاهدة: صدق الافتقار إلى الله بالانقطاع عن كل ما سواه، وقال عبد الله بن المبارك: المجاهدة: علم أدب الخدمة، فإن أدب الخدمة أعز من الخدمة، وفي "الكواشي": المجاهدة: غض البصر، وحفظ اللسان، وخطرات القلب، ويجمعها الخروج عن العادات البشرية. انتهى.

{لَنَهْدِيَنَّهُمْ} أي: وعزتي وجلالي لنرشدنهم {سُبُلَنَا}؛ أي: أي سبل السير إلينا، والوصول إلى جنابنا، ولنوفقنهم طرق مرضاتنا، وإنما جمع السبل؛ لأن الطريق إلى الله تتعدد بعدد أنفاس الخلائق، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: يريد المهاجرين والأنصار؛ أي: والذين جاهدوا المشركين، وقاتلوهم في نصرة ديننا، لنهدينهم سبل الشهادة والمغفرة والرضوان.

وقوله: {وَالَّذِينَ} (١): مبتدأ، خبره: القسم المحذوف، وجوابه هو {لَنَهْدِيَنَّهُمْ}، وبهذا ونظيره رد على أبي العباس ثعلب، في منعه أن تقع جملة القسم والمقسم عليه خبرًا للمبتدأ، ونظيره: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ}، {وَإِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}؛ أي: لمع المخلصين في القول والعمل، بالتوفيق والنصرة والإعانة والعصمة في الدنيا، والثواب والمغفرة في العقبى.

وفي "التأويلات النجمية": لمع المحسنين، الذين يعبدون الله كأنهم يرونه، ومن كان الله معه .. لم يخذل ولم يذل.

ودخلت (٢) {لام} التوكيد على {مع}، وفي {مع} قولان: قيل: اسم، وقيل: حرف، فدخول {اللام} عليها ظاهر على القول الأول، و {لام} التوكيد إنما تدخل على الأسماء، وكذا على الثاني من حيث أن فيها معنى الاستقرار، كما في نحو إن زيدًا لفي الدار، و {مع} إذا سكنت عينها تكون حرفًا، لا غير، وإذا فتحت جاز أن تكون اسمًا، وأن تكون حرفًا، والأكثر أن تكون حرفًا جاء


(١) البحر المحيط.
(٢) القرطبي.