قال يا بَنيّ: إن الله اصطفى لكم الدين، والأوّل أظهر.
وأمّا قراءة النصب فيكون عليها معطوفًا على بنيه؛ أي: ووصَّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب نافلته؛ أي: ابن ابنه إسحاق، وكان (١) جملة أولاد يعقوب اثني عشر: روبين، وشمعون، ولاوى، ويهوذا، وشنوخون، وزبولون، وزَوَابِي، ونَفْتُونِي، وكُوْدا، وأوشيز، وبنيامين، ويوسف، وسُمّي يعقوب؛ لأنّه مع أخيه عَيْصُو كانا توأمين، فتقدَّم عيصو في الخروج من بطن أمِّه، وخرج يعقوب على أثره آخذًا بعقبه، وذلك أنَّ أُمَّ يعقوب حملَتْ في بطنٍ واحد بولدين توأمين، فلمَّا تكامل عدَّةٌ أشهر الحمل، وجاء وقت الوضع تكلَّما في بطنها وهي تسمع، فقال: أحدهما للآخر: طرِّق لي حتى أخرج قبلك، وقال الآخر: لئن خرجت قبلي لأشُقَّن بطنها حتى أخرج من خصرها، فقال الآخر: اخرج قبلي، ولا تقتل أمي. قال: فخرج الأول فسمَّته عيصو؛ لأنَّه عصاها في بطنها، وخرج الثاني وقد أمسك بعقبه فسمَّته يعقوب، فنشأ عيصو بالغلظة والفظاظة، صاحب صَيْدٍ وقَنَصٍ، ويعقوب بالرحمة واللين، صاحب زرع وماشية.
وروي: أنّهما ماتا في يوم واحد، ودُفنا في قبر واحد. قيل: عاش يعقوب مائةً وسبعًا وأربعين سنة بمصر، وأوصى أن يحمل إلى الأرض المقدَّسة، ويدفن عند أبيه إسحاق، فحمله يوسف فدفنه عند أبيه. وقال المؤرِّخون: نقل إبراهيم ولده إسماعيل إلى مكة وهو رضيعٌ، وقيل: ابن سنتين، وقيل: ابن أربع عشرة سنة، وولد قبل إسحاق بأربع عشرة سنة، ومات إسماعيلُ وله مائةٌ وثلاثون سنة، وكان لإسماعيل حين مات أبوه إبراهيم تسعٌ وثمانون سنةً، وعاش إسحاق مائةً وثمانين سنةً، ومات بالأرض المقدَّسة، ودفن عند أبيه، وكان بين وفاة إبراهيم الخليل ومولد محمد - صلى الله عليه وسلم - نحوٌ من ألف سنةٍ وستمائة سنة، على ما قيل واليهود تنقص من ذلك نحوًا من أربعمائة سنة، وقوله:{يَا بَنِيَّ} على إضمار القول عند البصريين، تقديره: ووصَّى بها بنيه، وقال {يَا بَنِيَّ} الخ. وذلك؛ لأنّ يا بني