وقد قدمنا بيان مناسبة هذه السورة لما قبلها آنفًا، فراجعها.
قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ..} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها (١): أنه لما أنكر المشركون الإله بإنكار وعده، وأنكروا البعث كما قال:{وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} .. أردف هذا: أن الإدلة متظاهرة في الأنفس والآفاق، على وجوده وتفرده بخلقها، وأنه لا إله غيره، ولا رب سواه، وأنها لم تخلق سدًى، ولا باطلًا، بل خلقت بالحق، وأنها مؤجلة إلى أجل مسمى هو يوم القيامة، ثم أمرهم بالسير في أقطار الأرض، ليعلموا حال المكذبين، من الأمم قبلهم، وقد كانوا أشد منهم بأسًا وقوةً، فكذبوا رسلهم، فأهلكهم الله تعالى، وصاروا كأمسِ الدابر، والمثل الغابر، وما كان ذلك إلا بظلمهم، وفساد أنفسهم، لا بظلم الله تعالى لهم.
قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما بين أن عاقبة المجرمين النار، وكان ذلك يستلزم الإعادة والحشر .. لم يتركه دعوًى بلا بينة، بل أقام عليه الدليل، بأن أبان: أن من خلق الخلق بقدرته وإرادته .. لا يعجز عن رجعته، ثم بين ما يكون حين الرجوع، من إفلاس المجرمين، وتحقق بأسهم وحيرتهم، إذ لا تنفعهم شركاؤهم، بل هم يكفرون بهم، ثم ذكر أن الناس حينئذ فريقان: فريق في الجنة، وفريق في السعير، فالأولون يمتعون بسرور وحبور، والآخرون يصلون النار دأبًا، لا يغيبون عنها أبدًا.
قوله: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما بين حال الفريقين، المؤمنين الذين يعملون الصالحات، والكافرين المكذبين بالآيات، وما أعد لكل منهما من الثواب والعقاب .. أرشد إلى ما يفضي إلى الحال الأولى، وينجي من الثانية،