للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعلمها الله تعالى؟ فرد عليه لقمان، فقال: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا}؛ أي: إن الخطيئة أو إن القصة كما قاله المولى الجامي، أو إن الفعلة من الإساءة، أو الإحسان إن تك تلك الخطيئة أو الفعلة {مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ}؛ أي: وزن حبة واحدة من خردل؛ أي: مقدار ما هو أصغر المقادير التي توزن بها الأشياء من جنس الخردل، الذي هو أصغر الحبوب المقتاتة {فَتَكُنْ} تلك الخطيئة مع كونها في أقصى غايات الصغر {فِي صَخْرَةٍ} تحت الأرضين، وهي التي عليها الثور كما قيل، وهي لا في الأرض ولا في السماء؛ أي: في أخفى مكان وأحرزه، كجوف صخرة ماء، وقال المولى الجامي: في صخرة، هي أصلب المركبات، وأشدها منعًا لاستخراج ما فيها، انتهى.

وقال بعضهم: المراد بالصخرة (١): أية صخرة كانت, لأنه قال بلفظ النكرة. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: الأرض على الحوت، والحوت في الماء، والماء على صفاة، والصفاة على ظهر ملك، والملك على صخرةٍ، والصخرة التي ذكر لقمان ليست في السماوات ولا في الأرض، كذا في "التكملة". هذا ضعيف ليس له أصل، {أَوْ} تكن في {السَّمَاوَاتِ} مع ما بعدها، وفي بعض التفاسير: في العالم العلوي كمحدب السماوات {أَوْ فِي الْأَرْضِ} مع طولها وعرضها، وفي بعض التفاسير: في العالم السفلي كمقعر الأرض {يَأْتِ بِهَا اللَّهُ}؛ أي: يحضرها فيحاسب عليها؛ لأنه من يعمل مثقال ذرة خيرًا .. يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا .. يره.

والمعنى: أي (٢) يا بني، إن الفعلة من الإساءة والإحسان, إن تك وزن حبة من خردل، فتكن في أخفى مكان وأحرزه، كجوف الصخرة أو في أعلى مكان، كالسماوات أو في أسفله كباطن الأرض، يحضرها الله يوم القيامة، حين يضع الموازين القسط، ويجازي عليها، إن خيرًا .. فخير، وإن شرًا .. فشر، كما قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.