للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما سبق إلى كثيرٍ من الأذهان، ألا ترى أنَّه لا يستقيم لا نُفرِّق بين رسولٍ من الرسل إلّا بتقدير العطف؛ أي: بين رسولٍ ورسولٍ. اهـ. "كرخي".

{وَنَحْنُ لَهُ} سبحانه وتعالى {مُسْلِمُونَ}؛ أي: منقادون خاضعون بالطاعة، مذعنون له بالعبودية؛ أي: آمنَّا بالله، والحال أنَّا مخلصون لله تعالى جميع أعمالنا، ومذعنون له، وله متعلِّقٌ بمسلمون، وتأخَّر عنه العامل؛ لرعاية الفواصل، أو قدَّم له؛ للاعتناء بالضمير العائد على الله تعالى.

فائدةٌ: وابتدأ أوّلًا بالإيمان بالله (١)؛ لأنَّ ذلك أصل الشرائع، وقدَّم ما أنزل إلينا، وإن كان متأخِّرًا في الإنزال عن ما بعده؛ لأنّه أولى بالذكر؛ لأنَّ الناس بعد بعثة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - مدعوون إلى الإيمان بما أنزل إليه جملةً وتفصيلًا، وقدَّم ما أنزل إلى إبراهيم على ما أوتى موسى وعيسى؛ للتقدم في الزمان؛ أو لأنَّ المنزل على موسى ومن ذكر معه هو المنزل إلى إبراهيم، إذ هم داخلون تحت شريعته،

وأنزل (٢) يتعدَّى بعلى، وإلى، فلذا أورد بإلى، وفي آل عمران بعلى.

فائدة أخرى: وظاهر قوله (٣): {وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ} يقتضي التعميم في الكتب، والشرائع، وعن أبي سعيد الخدري قال: قلت: يا رسول الله! كم أنزل الله من كتاب؟ قال: "مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل على شيثٍ خمسين صحيفة، وأنزل على أخنوخ ثلاثين صحيفة، وأنزل على إبراهيم عشر صحائف، وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف، ثُمَّ أنزل التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان"، وأمَّا عدد الأنبياء: فروي عن ابن عباس، ووهب بن منبه أنّهم مائة ألف نبيٍّ وأربعة وعشرون ألف نبي، كُلُّهم من بني إسرائيل إلّا عشرين ألف نبيٍّ، وعدد الرسل: ثلاثمائة وثلاثة عشر، كُلُّهم من ولد يعقوب إلّا عشرين رسولًا، ذُكِر منهم في القرآن خمسةٌ وعشرون، نصَّ على أسمائهم وهم: آدم، وإدريس،


(١) البحر المحيط.
(٢) النفي.
(٣) البحر المحيط.