بالكسر: ما يُلوَّن به الثياب، والصَّبغ بالفتح: المصدر، والصبغة: الفعلة التي تبنى للنوع، والحالة مِنْ صبَغَ، كالجلسة من جلس، وهي الحالة التي يقع الصبغ عليها، وهي؛ أي: الصبغة في الآية؛ مستعارةٌ لفطرة الله التي فطر الناس عليها، وهي دينه، شبِّهت الخلقة السليمة التي يستعدُّ بها العبد للإيمان، وسائر أنواع الطاعات بصبغ الثوب من حيث إن كُلَّ واحدة منهما حليةٌ؛ لما قامت هي به وزينة له. وقيل: إنَّ الصبغة: الاغتسال لمن أراد الدخول في الإِسلام بدلًا من معموديَّة النصارى، إذا ولد لأحدهم مولودٌ، وأتى عليه: سبعةُ أيام، غمسوه في ماءٍ لهم أصفر يُسمُّونه ماء المعموديَّة، وصبغوه به ليطهِّروه به مكان الختان، وكانوا يفعلون ذلك بأولادهم في كنائسهم؛ تشبيهًا للمولود بعيسى عليه السلام. فإذا فعلوا ذلك به قالوا: الآن صار نصرانيًّا حقًّا، وزعموا أنَّ الإنجيل ذكر عيسى بأنَّه الصَّابغ، والمعمودية: هي اسم ماء غُسل به عيسى عليه السلام حين ولادته، فمزجوه بماءٍ آخر، وكُلَّما استعملوا منه جعلوا مكانه ماء آخر. اهـ.
فأخبر الله تعالى: أنَّ دين الإِسلام ليس ما تفعله النصارى. وقيل: إنّه منصوب على كونه بدلًا من {مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} وقيل: إنّه منصوبٌ انتصاب المصدر المؤكد عن قوله: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ}. وقيل: عن قوله: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}. وقيل عن قوله:{فَقَدِ اهْتَدَوْا} والتقدير: قولوا آمنا بالله، وصبغنا الله صبغةً؛ أي: فطرنا، وخلقنا على استعداد قبول الحق، والإيمان فطرته، فهذا المصدر مفعولٌ مطلق مؤكِّد لنفسه؛ لأنَّه مع عامله المقدَّر بعينه، وقع مؤكّدًا لمضمون الجملة المتقدمة، وهو قوله:{آمَنَّا بِاللَّهِ}، لا محتمل لها من المصادر إلّا ذلك المصدر؛ لأنَّ إيمانهم بالله يحصل بخلق الله إيّاهم على استعداد اتباع الحق، والتحلِّي بحلية الإيمان. وهذا الوجه؛ أعني: كونه منتصبًا انتصاب المصدر المؤكد عن قوله: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} أحسنها، وأظهرها، لما سيأتي عند قوله:{وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} من تنافر آخر الآية لأوَّلها إذ نَصَبْنَا على الإغراء، ولأنَّ نصبه على الإبدال من ملة إبراهيم بعيدٌ؛ لطول الفصل بين البدل والمبدل منه، ويحتمل أن يكون التقدير: طهَّرنا الله تطهيره؛ لأنَّ الإيمان يُطهِّر النفوس من أوضار الكفر، وسمَّاه صبغةً؛ للمشاكلة لما فعلته النصارى، والمشاكلة: هي ذكر الشيء