للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بواحدة منهن، كما لا يحل له أن يتزوج أمه كما قال تعالى: {وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} فهذه الأمومة مختصة بتحريم النكاح لهن وبالتعظيم لجنابهن، وأما فيما عدا ذلك من النظر إليهن، والخلوة بهن، والمسافرة معهن، والميراث، فهن كالأجنبيات، فلا يحل النظر إليهن، كما قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} ولا الخلوة بهن، ولا المسافرة معهن، ولا يرثن المؤمنين، ولا يرثونهن.

ثم إن (١) حرمة نكاحهن من احترام النبي - صلى الله عليه وسلم - واحترامه واجب على الأمة، وتخصيص التحريم بهن، يدل على أنه لا يتعدى إلى عشيرتهن فلا يقال لبناتهن: أخوات المؤمنين، ولا لإخوانهن وأخواتهن أخوال المؤمنين وخالاتهم، ولهذا قال الشافعي: تزوج الزبير أسماء بنت أبي بكر، وهي أخت أم المؤمنين، ولم يقل: هي خالة المؤمنين.

وقال القرطبي: الذي يظهر لي: أنهن أمهات الرجال والنساء، تعظيمًا لحقهن على الرجال والنساء، كما يدل عليه قوله: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} وهذا يشمل الرجال والنساء ضرورةً قال: ثم إن في مصحف أبي بن كعب: {وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم}، وقرأ ابن عباس: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم}.

قيل: كن (٢) أمهات الرجال دون النساء، بدليل ما روي عن مسروق: إن امرأة قالت لعائشة: يا أمه، فقالت: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم، فبان بذلك أن معنى الأمومة: إنما هو تحريم نكاحهن.

وظاهر قوله (٣): {وَأَزْوَاجُهُ}: عموم كل من أطلق عليها أنها زوجة له - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: سواء دخل بهن أو لا، وسواء مات عنهن أو طلقهن، وقيل: لا يثبت هذا الحكم لطلقة، وقيل: من دخل بها ثبتت حرمتها قطعًا.


(١) روح البيان.
(٢) الخازن.
(٣) البحر المحيط.