الإِسلام، وقالوا: لقد اشتاق محمد إلى مولده، وعن قريب يرجع إلى دين قومه، فأخبر الله رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - بما سيقوله السفهاء، ولقَّنه الحجة الدامغة؛ ليرد عليهم ويوطن نفسه على تحمل الأذى منهم عند مفاجأة المكروه، وكان هذا الإخبار قبل تحويل القبلة معجزةً له عليه الصلاة والسلام.
أسباب النزول
قوله:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ ...} إلى آخر الآية قال ابن إسحاق: حدثني إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي نحو بيت المقدس ويُكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله، فأنزل الله:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، فقال رجال من المسلمين: وددنا لو علمنا علم من مات قبل أن نُصرف إلى القبلة، وكيف بصلاتنا قبل بيت المقدس، فأنزل الله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}، وقال السفهاء من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل الله:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ ...} إلى آخر الآية.
قوله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} قال الإِمام البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا أبو نعيم، سمع زهيرًا، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَلَ البيت، وأنه صلى - أو صلاها - صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه، فمرَّ على أهل المسجد وهم راكعون قال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ مكة، فداروا كما هم قِبَلَ البيت، وكان الذي مات على القبلة قبل البيت رجال قُتلوا، فلم نَدْرِ ما نقول فيهم؛ فأنزل الله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
سبب نزول قوله تعالى:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ...} الآية، أخرج البخاري أيضًا رحمه الله تعالى في "صحيحه" قال: حدثنا عبد الله بن