الجامع بينهما على أنه - صلى الله عليه وسلم -، فهم منه إرادة التسوية بين الله سبحانه وبين رسوله، فيختص المنع بمثل ذلك. وهذا أحسن ما قيل في الجمع، وقالت طائفة: في الآية حذف، والتقدير: إن الله يصلي، وملائكته يصلون، وعلى هذا القول فلا تكون الآية مما جمع فيه بين ذكر الله وذكر غيره في ضمير واحد.
ولا يرد أيضًا ما قيل: إن الصلاة من الله الرحمة، ومن ملائكته الدعاء، فكيف يجمع بين هذين المعنيين المختلفين في لفظ {يُصَلُّونَ}. ويقال على القول الأول: إنه أريد بـ {يُصَلُّونَ} معنى مجازي يعم المعنيين، كما مر، وذلك بأن يراد بقوله:{يُصَلُّونَ} يهتمون بإظهار شرفه، أو يعظمون شأنه، أو يعتنون بأمره.
فإن قيل: إذا صلى الله وملائكته عليه، فأي حاجة به إلى صلاتنا؟
أجيب: بأن الصلاة عليه ليس لحاجته إليها، وإلا فلا حاجة به إلى صلاة الملائكة أيضًا، وإنما القصد بها تعظيمه - صلى الله عليه وسلم -، وعود فائدتها علينا بالثواب والقرب منه - صلى الله عليه وسلم -. اهـ. "خطيب".
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} وصدقوا بما جاء به محمد {صَلُّوا}؛ أي: اعتنوا واهتموا أنتم أيضًا بالصلاة {عَلَيْهِ} - صلى الله عليه وسلم - قولًا، واتباع سنته فعلًا، فإنكم أولى بذلك، وأحوج إليه؛ أي: صلوا عليه صلاة دائمة {وَسَلِّمُوا} عليه {تَسْلِيمًا} كاملًا بأن تقولوا: اللهم صل على محمد وسلم، أو - صلى الله عليه وسلم -، أو تقولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.
وقيل: معنى {صَلُّوا عَلَيْهِ}؛ أي: ادعوا له بالرحة المقرونة بالتعظيم، ومعنى {سلموا} عليه؛ أي: حيوه بتحية الإِسلام، وقيل: معنى {صَلُّوا عَلَيْهِ}؛ أي: قولوا: اللهم صل على محمد، ومعنى {سلموا} عليه؛ أي: قولوا: اللهم صلم على محمد، أو انقادوا لأمره وحكمه.
والذي يحصل به الامتثال لمطلق الأمر في هذه الآية هو أن يقول القائل: اللهم صل وسلم على رسولك، أو على محمد، أو على النبي، أو اللهم صلِّ على محمد وسلم. ومن أراد أن يصلي عليه وسلم عليه بصفة من الصفات التي ورد التعليم بها، والإرشاد إليها، فذلك أكمل، وهي صفات كثيرة قد اشتملت عليها كتب السنة المطهرة.