المأمور بهما في الآية هما أن نقول: اللهم صلِّ عليه وسلم، أو نحو ذلك مما يؤدي معناه، كما بيَّنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنا، فاقتضى ذلك البيان في الأحاديث الكثيرة أن هذه هي الصلاة الشرعية.
وإن قيل: السلام (١) مخصوص بالحي، والشعبي عليه السلام ميت، فكيف يصح السلام عليه؟
أجيب عنه: بأن المؤمن لا يموت حقيقة، وإن فارق روحه جسده، فالنبي عليه السلام مصون بدنه الشريف من التفسخ والانحلال في التراب، حي بالحياة البرزخية، ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله ملائكة سياحين، يبلغونني عن أمتي السلام"، ويؤخذ من هذا الحديث: أنه حي على الدوام في البرزخ الدنيوي؛ لأنه محال عادة أن يخلو الوجود كله من واحد يسلِّم على النبي في ليل أو نهار.
فإن قلت: لم خص إبراهيم بالذكر في الصلاة، وشبه صلوات نبينا بصلاته؟
قلتُ: أمرنا بالصلاة على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم؛ لأنه حين تم بناء البيت .. دعوا للحجاج بالرحمة، فكافأناهم بذلك، وقال الإِمام النيسابوري: لأنه سأل الله أن يبعث نبينا من ذرية إسماعيل فقال: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ}، ولذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنا دعوة أبي إبراهيم" فكافأه، وشكره، وأثنى عليه مع نفسه بالصلاة التي صلى الله عليه وملائكته. وأيضًا: أُمرنا بالصلاة على إبراهيم, لأن قبلتنا قبلته، ومناسكنا مناسكه، والكعبة بناؤه، وملته متبوعه للأمم، فأوجب الله على أمة محمد ثناءه، فلهذه المعاني خص إبراهيم بالذكر في الصلاة، وشبه صلاة نبينا بصلاته دون صلاة غيره، فاعرف.
فإن قلت: تشبيه الصلاة على محمد بالصلاة على إبراهيم يقتضي أفضلية إبراهيم على محمد عليهما الصلاة والسلام، فينافي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"؟
قلت: التشبيه لم يقع بين الصلاة عليهما، بل بين الصلاة على آل محمد، والصلاة على إبراهيم وآله؛ لأن المعنى: اللهم صلِّ على محمد صلاة كاملة، وصلِّ