وفي الحديث:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقف مواقف التهم"، وأما السلام فهو في معنى الصلاة، فلا يستعمل في الغائب، فلا يفرد به غير الأنبياء، فلا يقال: عليُّ عليه السلام، كما تقول الروافض وتكتبه، وسواء في هذا الأحياء والأموات. وأما الحاضر فيخاطب به فيقال: السلام عليك أو عليكم، وسلام عليك أو عليكم. وهذا مجمع عليه، والسلام على الأموات عند الحضور في القبور من قبيل السلام على الحاضر.
وأما إفراد الصلاة عن ذكر السلام وعكسه، فقد اختلفت الروايات فيه: منهم من ذهب إلى عدم كراهته، فإن الواو في {وَسَلِّمُوا} لمطلق الجمع من غير دلالة على المعية، وعن إبراهيم النخعي: إن السلام؛ أي: قول الرجل: عليه السلام، يجزىء عن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، لقوله تعالى:{وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ}، ولكن لا يقتصر على الصلاة، فإذا صلى أو كتبها .. أتبعها التسليم، ويستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين، فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار، فيقال: أبو بكر رضي الله عنه، أبو حنيفة رحمه الله، أو نحو ذلك، فليس رضي الله مخصوصًا بالصحابة، بل يقال فيهم: رحمه الله أيضًا، والأرجح في مثل لقمان ومريم والخضر والإسكندر المختلف في نبوته أن يقال: رضي الله عنه، أو عنها, ولو قال: عليه السلام، أو عليها السلام، فلا بأس به، ويقال: تخصيص علي بن أبي طالب بكرَّم الله وجهه من شعار الروافض.
وقال الإِمام اليافعي في "تاريخه"(١): والذي أراه أن يفرَّق بين الصلاة، والسلام، والترضي، والترحم، والعفو، فالصلاة: مخصوصة على المذهب الصحيح بالأنبياء والملائكة، والترضي: مخصوص بالصحابة، والترحم: لمن دونهم، والعفو: للمذنبين، والسلام: مرتبة بين مرتبتي الصلاة والترضي، فحسن أن يكون لمن منزلته بين منزلتين، أعني: يقال لمن اختلف في نبوتهم، كلقمان، والخضر، وذي القرنين، لا لمن دونهم. ويكره أن يرمز للصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخط بأن يقتصر من ذلك على الحرفين هكذا: عم، أو نحو ذلك كمن يكتب: