قال بعضهم: وفي الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - شكر على كونه أفضل الرسل، وكونهم خير الأمم، وأيضًا فيها إيجاب الشفاعة على ذمة ذلك الجناب، فإن الصلاة عليه ثمن الشفاعة، فإذا أدُّوا الثمن في هذا اليوم يرجى أن يحرزوا المثمن يوم القيامة:
أَلَا أَيُّهَا الإِخْوانُ صَلُّوْا وَسَلِّمُوْا ... عَلَى الْمُصْطَفَى فِيْ كُلِّ وَقْتٍ وَسَاعَةِ
فَإِنَّ صَلَاةَ الْهَاشِمِيِّ مُحَمَّدٍ ... تُنَجِّيْ مِنَ الأَهْوَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وبقدر صلواتهم عليه تحصل المعارفة بينهم وبينه، وعلامة المصلي: يوم القيامة أن يكون لسانه أبيض، وعلامة التارك: أن يكون لسانه أسود، وبهما تعرف الأمة يومئذ، وأيضًا فيها إثبات المحبة، ومن أحب شيئًا أكثر ذكره.
قال سهل بن عبد الله التستري: الصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل العبادات؛ لأن الله تولاها هو وملائكته، ثم أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليس كذلك، يعني أنَّ الله تعالى أمر بسائر العبادات، ولم يفعله بنفسه، وقال الواسطي: صلِّ عليه بالأوتار، ولا تجعل له في قلبك مقدارًا؛ أي: لا تجعل لصلواتك عليه مقدارًا تظن أنك تقضي به من حقه شيئًا، بل بصلواتك عليه استجلاب رحمةً على نفسك به:
يَا مَنْ يُجِيْبُ دُعَا الْمُضْطَرِّ فِيْ الْظُّلَمِ ... يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلْوَى مَعَ السَّقَمِ
شَفِّعْ نَبِيَّكَ فِيْ ذُلِّيْ وَمَسْكَنَتِيْ ... وَاسْتُرْ فَإِنَّكَ ذُوْ فَضْلٍ وَذُوْ كَرَمِ
ثم إن للصلوات والتسليمات مواطن:
فمنها: أن يصلِّي عند سماع اسمه الشريف في الأذان.
ومنها: أن يصلِّي بعد سماع الأذان بأن يقول: اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، فإنه عليه السلام وعد لقائله الشفاعة العظمى.
ومنها: أن يصلي عند ابتداء الوضوء، ثم يقول: بسم الله، وبعد الفراغ منه فإنه يفتح له أبواب الرحمة، وفي المرفوع: "لا وضوء لمن لم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
ومنها: أن يصلي عند دخول المسجد، ثم يقول: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وعند الخروج أيضًا، ثم يقول: اللهم افتح لي أبواب فضلك، واعصمني من الشيطان، وكذا عند المرور بالمساجد، ووقوع نظره عليها، ويصلي في التشهد